الثلاثاء، 26 فبراير 2013

ذكر وأنثى

ذكر وأنثى

***
شعر
صبري الصبري
***
ذكر وأنثـى بالخضـوع تقبَّـلا
أمـرا مـن الله الكريـم مُنَـزَّلا
هبطا من الجنات لـلأرض التـي
فيها علـى الله الوكيـل توكـلا
واختلَّت الأشياء … كانا قبلهـا
بالرغْد في بسط المعالي والعـلا
تأتيهمـا الأرزاق دون تَجَـشُّـمٍ
لعناء سعي في معاشٍ قـد حـلا
حتى تبـدَّل كـل شـيء عندمـا
عصيا الإلهَ .. تجاوزا ما حَلَّـلا
والماكرُ الملعـون غرَّهمـا بمـا
ألقى وزيَّـن بالغـرور وهَلَّـلا !
بوعود خلد في الجنـان فصدقـا
زعم الكذوب ونحـوه قـد أقبـلا
بالأكل منهـا غصنهـا بمـرارة
بالحلق يسري شوكهـا متخلـلا
جسما تعـرَّى بالعـراء بسـوءَةٍ
لاحت فأقبل ذو الدَّهـا وتأمـلا !
والخصف بالأوراق خبـأ عـورة
عانـت ثيابـا للنبـات مهلهـلا
هي منية الشيطان يخلع عنهمـا
سترا طهـور بالحيـاء مُجَمَّـلا
يا للمسـاوئ إن تبـدَّت جهـرة
إبليس ينهل من حماهـا منهـلا
وتفرَّقا في الأرض كانا بالثـرى
جسمين بالهجر الشنيع .. تململا
حـتـى تـلاقـى آدمٌ بحبيـبـة
فيحاء يلقى في سناهـا الموئـلا
ذكـر وأنثـى بالحيـاة تقـابـلا
والأرض ترقب من لقائهما المـلا
والناس تأتـي للبسيطـة كلمـا
بالحـب قبَّـل آدمٌ مـا قَـبَّـلا !
وانساب يرتع في الحبيبة وحـده
يحيا وحوا في مسـارات الخـلا
يستعمر الأرجـاء يبـذل جهـده
يمضي بأرض وحـده مسترسـلا
يرعى الـدواب بهمـة وعزيمـة
ويصول صولته بمُخْضَـرِّ الكـلا
ويعيش عيشة مُتْعَـبٍ مستغـرقٍ
في الفكر يرقب بالحيـاة تحـوُّلا
معه الرفيقة بالـدروب صبـورة
بالخير كان أو الشدائـد والبـلا
حـواء تعشـق آدمـا بشقائـه
يحيا دءوبـا بالهمـوم مُحَمَّـلا
والحب يشـدو شـدوه بفؤادهـا
غضا بأشواق الـوداد مجلجـلا
يا آدمُ : الأحشـاءُ تهفـو كلهـا
للوصل فاترك للوصـال تَمهُّـلا
إني عشقتكَ من ضلوعك نشأتـي
فاجعـل لعاشقـة إليـك تَعَقُّـلا
أهواك أهوى آدمـا مـن طينـة
ستظل تسقي بالحقـول تسلسـلا
ما جف نبع من حماك وما غفـا
قلبي عن الحب الشغوف وما خلى
أجيال نشأ مـن خلايانـا تـرى
يا روح قلبي من لدنـك تأصـلا
بالحـب آدم لا يـزال يؤمـهـا
بين المروج وبين كلاَّ أو بلـى !
يغشى الحبيبة والحبيبـة حرثـه
تلقى الوصال مُقَصَّـرا ومطـولا
تزهو تقول بروحهـا وبجسمهـا
مرحى بآدم في جسارته .. هلا !
وهو الشغوف بزوجـة مبـرورة
ما غاب عنها أو تجاهل أو سلى
فالوصل أزكى لحظـة وطريقـة
لتناسل الطين الـذي قـد جُمِّـلا
أجيـال أجيـال توالـت كلـمـا
جيـل وجيـل بالتـراب تَحَلَّـلا
فالأرض واسعة وفيهـا يرتقـي
أعلى الجبـال مبطئـا ومعجـلا
قد كان في الجنات يلقـى رزقـه
فيهـا لـه بالمعطيـات مُسَهَّـلا
ويؤم فيهـا مـا يشـاء ممتعـا
بنعيمهـا يأتـي إليـه مُشَكَّـلا
من كل لـون بالعذوبـة يرتـدي
ثوب الضياء مع البهـاء مُظَلَّـلا
يحيا بها بيـن الملائـك ناعمـا
عذبـا بهيـا بالنعيـم مبـجـلا
فإذاه ينزل مـن عـلاه بعيشـة
تحوي بأصناف الأمـور تقلقـلا
يا ليـت حـواء أطاعـت ربهـا
أيضا وآدم .. ليتـه مـا أهمـلا
يا ضلع آدم قـد سكنـت بقلبـه
شوقـا وحبـا بالهيـام معلـلا
بالزيجة العصمـاء تحلـو ألفـة
ومـودة تحثـو الغـرام مجلـلا
بمقاصد الإعمار لـلأرض التـي
ستكون قرصـا كالنقـيِّ مُبَـدَّلا
سبحان من يرث الخلائـق كلهـا
يقضي عليهم ذو المشيئة بالبلى
يُحـي يميـت بأمـره وقضـائه
بالخلد يُدْخِل من يشاء المدخـلا
إمـا بقعـر للجحـيـم مُعَـذِّبَـا
فيها كفـورا بالقيـود مسلسـلا
قد كان في الدنيا جهولا جاحـدا
فظـا عنيـدا بالظـلام مغـفـلا
أو بالسـلام محييـا فـي جنـة
عبدا خشوعـا ذا ضيـاء مقبـلا
تلقاه حـور بالخيـام بحسنهـا
يلقى الجمال السرمـدي الأكمـلا
فالكل يدخله المهميـن حسبمـا
كانت صحائفـه لديـه المنـزلا
هذا مـآل النـاس يـوم قيامـة
من بعد أن يلقى الأنـام تزلـزلا
بالحشـر ميـزانٌ بقسـط كلـه
عدلٌ نلاقـي ذا الجـلال الأعـدلا
ذكـر وأنثـى بالعنـاء بموقـف
مهما يكونا بالحساب سَيُسْـأَلا !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق