الأحد، 4 ديسمبر 2011

البرلمان :: شعر :: صبري الصبري



معارضة لقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي (البرلمان) الذي يقول في مطلعها
( سكن الزمان ولانت الأقدار ... ولكل أمر غاية وقرارُ )
***


البرلمان
***
شعر
صبري الصبري
***

فــي مـصـر لاحــت بالـصـفـا الأنـــوارُ
مـــــن بــعـــد لــيـــل ســـــاده الأشــــــرارُ
فيـه استباحـوا أرض مصـر وشعبهـا
وســطـــا عـلـيـهــا بـالــدجــى الـفــجــارُ
وجــثــت عـلـيـهـا بـالـفـسـاد مـصـائــب
شــتـــى تــوالـــت بــالـــورى الأخــطـــارُ
يــخــتــال لــــــصٌّ بــالــودائــعُ بُـــــــدِّدت
ولـديــه مـــن دعـــم (الـكـبــار) إطــــارُ
ولــديـــه تـأيــيــد الـرئــيــس وعـصــبــة
فــيــهــا لــمــصــر مــثــالــب وحـــصـــارُ
عـانـت مــن الأوبــاش حـتـى أقـفـرت
وبـــهـــا تــــــوارت بـالــحــقــول ثـــمــــارُ
وبـــهـــا تـــلاشـــى يـنـعــهــا ونــمــاؤهــا
وبــهـــا تـنــامــى الــشـــوكُ والـصــبَّــارُ
حــتــى تـحـركــت الـجــمــوع لـنـصـرهــا
فــــهـــــوى نــــظـــــامٌ ظــــالـــــمٌ خــــتـــــارُ
وثـــــوى بـمــيــدان الـبـطـولــة بـالــعــلا
مـــن أجـــل مـصــر حبـيـبـتـي الــثــوارُ
والـجـيـش قـــام إلــــى جــــوار شــامــخ
للشعب .. (عاش الجيش والأحرارُ)
وبـــــدت لـدولـتــنــا الـعـريــقــة طــلــعــة
فـيـهـا يـلــوح مـــع الـمـنـى اسـتـبـشـارُ
تـنـظـيــم شـــــورى لـلـجـمـيـع تــألــقــت
فــيــهــا الــنــزاهــة واســتــبــان نـــهـــارُ
قـــد رافـــق الـصـنـدوق شـعــب ثــائــر
فــــــــــذ أصـــــيـــــل رائــــــــــع مـــــغـــــوارُ
يــأبــى مـســالــك مـــــن أرادوا جــهـــرة
تـزيــيــف أصـــــوات بــهـــا الإصـــــرارُ
لــتــنــال حـــقـــا بـالـنــزاهــة والـــهــــدى
فـــــي ذلــكـــم يـتـنــافــس الأطـــهـــارُ !
ولــت لـيـال الـزيـف خـــارت وانـتـهـى
تــزويـــرهـــم وضـجـيــجــهــم والــــعـــــارُ
فـــالآن شـــورى الإنـتـخـاب لمـجـلـس
يــرســيـــه فـــــــي أم الــــبــــلاد قــــــــرارُ
وبــــه يــكــون الــعــدل شـيـمـتـنـا بـــــه
يـــأتـــي إلــيــنـــا بـالــتــقــى اســتــقـــرارُ
يــــا بـرلـمــان الـخـيــر أهــــلا مـرحــبــا
لــــك مــــن جــمــوع هـاهـنــا الإكــبـــارُ
بـالـبــر نــأمــل مــــن حــمـــاك تـقــدمــا
وتـــطــــورا فـــــــي طــــيــــه الإعــــمــــارُ
ونـراكَ شمسـا فــي ضحـاهـا أشـرقـت
فــــــي مــصــرنــا فـتـفـتـحــت أبـــصـــارُ
ونــراكَ فـــي الـلـيـل البـهـيـم ضـيـاءنـا
لاحــــــت بــــــه بـشـهــورنــا الأقـــمــــارُ
ونــــــراكَ مــيــزانـــا طـــهــــورا عـــــــادلا
فــــــي مــحــتــواه بـطـيـبـهــا الأخـــيــــارُ
إن الـمــجــالــس بــالــرجـــال تــؤمـــهـــا
بــالـــبـــر تــــرقــــى لـــلـــعـــلاء ديـــــــــارُ
أف لـــتـــزويــــر الـــــقـــــرار بـــبـــاطــــل
فــيــه اسـتـبـاحــت مـصــرنــا أضـــــرارُ
كـــم ذا شـهـدنـا لـهــو جـلـسـات بــهــا
(فـتـحــي ســــرور) الـمــاكــر الــغـــدارُ
تـــرزي القـوانـيـن الـتــي قـــد فُـصِّـلـت
لــتــكـــون فــيــهـــا خــيــبـــةٌ وصَـــغَــــارُ
والشعـب يصبـر فـي الـبـلاء مزمـجـرا
كـالـلـيــث يــقـــدح بـالـعــيــون شَــــــرارُ
وانقـضـت الأركــان فـــوق رؤوسـهــم
لـتـقــوم فــــي مــصــر الـنـقــاء الــــدارُ
يــــا مـــــن دخـلــتــم مـجـلـســا مـتـأنـقــا
بــالــعـــدل فـــيــــه الـــحــــبُّ والإيـــثــــارُ
طـبـتـم وطـابــت بـالـصـفـاء جـهـودكــم
أنــــتـــــم لــــكـــــل الـطــيــبــيــن فــــنـــــارُ
مـصــر الحبـيـبـة بـاحـتـيـاج عـقـولـكـم
فــبـــأرضـــهـــا تـــتــــحــــدث الآثـــــــــــارُ
تـــاريــــخُ مـــجــــد لا يُـــبــــارى عـــــــزه
تــجــرى بــــه فــــي فـخــرهــا الأنــهـــارُ
مـــن بـعــد ديـجــور الـظــلام تـدفـقــت
بـضـيـائـهـا فـــــي مــصــرنــا الأنــــــوارُ
فـلـتـبـدؤا الـتـخـطـيـط ضــمـــن نــوابـــغ
لــهــمُ مــــع الـفــكــر الـجـمـيــل حـــــوارُ
فـربـوع مـصـر بـهـا العـيـون تطـلـعـت
لــكـــمُ وفـيــهــا بـالـنــهــى اسـتـبــصــارُ
عــهـــد جــديـــد لاح فـــيـــه لـمـصــرنــا
نـــصــــر مــبـــيـــن بــــاهــــر وفــــخــــارُ
وبــهــا تـرقـرقــت الــــورود بـحـسـنـهـا
والـــغـــرسُ والـــروضــــاتُ والأزهـــــــارُ
وبــهــا مــيــاه الـنـيــل غــــرَّد مـوجــهــا
والـــفـــلـــك والأســـــمـــــاكُ والـــبـــحَّــــارُ
فـالـبـرلـمـان الــحـــق صـــــار حـقـيـقــة
فـسـمـا بـمـصــر المخـلـصـيـن شــعــارُ
أحـبـب بـمـصـر وشعـبـهـا وبجيـشـهـا
عـــن قـدرهــا تـتـحــدث الأمــصــارُ !!

الأحد، 20 نوفمبر 2011

حمقاء

حمقاء
***
شعر
صبري الصبري
***
حمقاءُ تدعى في الـورى (عليـاءُ)
خـارت فلاحـت سـوءة سـوداءُ
وتوسد الشيطـان ساحتهـا ثـوى
فيها مـن الخصـم اللـدود  بـلاءُ
فأهـاج فيهـا سيئـات  أطبـقـت
بأزيـزهـا فتفـجـرت  أهــواءُ
واسترسلت فـي غيهـا وضلالهـا
يغـزو مداهـا بالسقـام  الــداءُ
ويلوك فك الإفتراس مـن  ادعـت
(حريـةً) قـد بثـهـا الإغــراءُ
يا فحـش أفعـال اللئـام  تشتتـوا
بيـن الخطـوب وسادهـم إغـواءُ
يا ويلهم صاروا ضحايـا  فسقهـم
بفجورهـم قـد دبـت البغـضـاءُ
وتوشح الوجـدان قـار سخامهـم
فتلوثـت بجسومـهـم أعـضـاءُ
وتجمدت أبصـار وعـي وارتـأت
بالعـري لـذات بهـا الأضــواءُ
والشهرةُ العرجاء تنشـر  سكرهـا
فيها مـع الكـرب الشديـد عَمـاءُ
أرضيتِ عرضك بالتعـري ظاهـرا
جافاه بالستـر الجميـل غطـاءُ ؟!
أنزعـت عنـك تدثـرا  وتستـرا
حتى قـلاك مـن الثيـاب رداءُ ؟!
وبرزت بالعري البغيض على  الملا
كم بالمـروق توغـل السفهـاءُ  !
أين المبـادئ والتخلـق  بالهـدى
أين التزام الحـق .. والإعـلاءُ ؟!
أين التمسـك بالفضائـل  والتقـى
أين العفاف وطهـره الوضـاءُ  ؟!
بئس التعلم بالعلـوم ومـا  حـوت
من شـوك أخـلاق بهـا الظلمـاءُ
يا خيبة الآمـال فـي نـشء بـدا
بـالإفـك ذاع فـذاعــت الأدواءُ
قالوا قديمـا بالقصائـد مـا حمـى
عرضـا بـه يتفاخـر الشـرفـاءُ
(لن يسلم الشرف الرفيع من الأذى)
حتى تـراق علـى حمـاه  دمـاءُ
أبغض بما نلقاه مـن قـوم فشـى
فيهـم مـع الفخـر الأثيـم زنـاءُ
جهـروا بعصيـان الإلـه  فيالهـم
من قوم غـي بالفجـور  أسـاءوا
ظنـوا الحيـاة عبـادة  لمزاجهـم
لذاتهم وفق الهـوى مـا  شـاءوا
والله حـد حـدوده فيهـا  النـقـا
والحفـظ والتحصيـن والإيــواءُ
والفـرج حصنـه بحصـن ملـزم
فـي زيجـة يأتـي بهـا  الأبنـاءُ
وزنى الفروج لـه عقـاب صـارم
وحجـارة فـي رجمهـا صـمـاءُ
والجلـد مائـة بالعـذاب  تألـمـا
حتـى يـولـي بـالأنـام بـغـاءُ
يا من بغضت هراءهـا  ومجونهـا
لمـا جفاهـا بالجـنـون حـيـاءُ
ضاق القصيد بما فعلت  وأُضرمـت
نـارٌ يراهـا باللظـى الشـعـراءُ
يأبـون للأخـلاق مهلكهـا فـمـا
إلا لهـا قـد أرســل الكـرمـاءُ
ورسولنـا المحمـود تممهـا  لنـا
هل تهدميهـا بيننـا (عليـاءُ)  ؟!
لن يترك الأطهارُ أخـلاق  الهـدى
تهـوي فعنهـا نافـح  الكـرمـاءُ
ستظل مصر هي المنـارة  للضيـا
بالعلـم أزهرهـا بــه العلـمـاءُ
ما ضرها تلك الجهولـة  أظهـرت
عـورات جسـم يعتريـه  فـنـاءُ
لكنـه داء التفسـخ قــد  بــدا
وبه البـلاءُ فهـل يكـون دواءُ ؟!
إن الـدواء هـو الشريعـة  كلهـا
نـورٌ مبيـن للـورى  وضـيـاءُ
صلى الإلـه علـى النبـي  وآلـه
فبه تنيـر الشرعـة السمحـاءُ !!


حمقاء :: شعر :: صبري الصبري

حمقاء
***
شعر
صبري الصبري
***


الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

الحياء :: شعر صبري الصبري

الحياء
***
شعر
صبري الصبري
***

إذا ضاع الحياء فلا نماءُ
بمهجتنا ولا ظلٌ وماءُ
ولا طلعٌ ببستان الخلايا
ولا روضٌ به يحلو الهناءُ
ولا خيرٌ ولا رشدٌ وضوءٌ
أبالظلماء يُلْتَمَسُ الضياءُ ؟!
أبالأهواء تنتظم السجايا
وتغشاها السلامةُ والنقاءُ ؟!
فبالشهوات تمتشق النوايا
سفاهتها ويرديها البلاءُ
فلا زجرٌ ولا أمرٌ ونهيٌ
ولا طهرٌ به يزهو الرداءُ
ولا قلبٌ سليم النبض تجري
بساحته بنضرتها الدماءُ
ولا دينٌ هدايته نجاةٌ
وبرءٌ في وضاءته الشفاءُ
فما للبعض بالأهواء يحيا
حياة في مراتعها الشقاءُ
يرى بالعري لذَّات توالى
بها الإسفافُ يزجيه البغاءُ
ويستبق الخطايا في ولوغ
بعمق الإثم أرداه العماءُ
وأهداه الْمَرِيدُ الفظ نهجا
فظيعا في ثناياه العناءُ
هو الشيطان ينتزع الحنايا
فتُختطف الجوارحُ والكساءُ
وتبدو في فضائحها البرايا
بها السوءات سوَّدها اشتهاءُ
تتابع من شرار الناس جهرا
به زلُّوا .. به راحوا وجاءوا
وماجوا في وضاعتهم تناجوا
وهزهمُ بعهرهم انتشاءُ
وسادهمُ السقام المر يسري
بأجساد بها سقمٌ وداءُ
وأفكارٌ تخفَّت في فجور
فعافاها التَّستُّر والخفاءُ
فلا صلَّت ولا زكَّت وأعلت
بها الإيمان يعليه العلاءُ
ولا أعطت صلاة الفجر حظا
ولا ظهرا يوافيه الوفاءُ
ولا عصرا فديدنها مروقٌ
بمغربها كذا مرت عِشَاءُ
فهذا القلب في نار التلاهي
له فيها بنقمتها احتساءُ
يظن العري ترياقا مريعا
به للروح بالإفك إحتماءُ
ويا أسفاه قد أضحى التعري
بلاءً فيه تنتهبُ النساءُ
وتهوي في مهالكها ببغي
تلاشى من جوارحها الصفاءُ
وقد صابت مصائبهم بلادا
لنا فيها من الخير ارتواءُ
بهذا العصر قد حلت رزايا
ببعض الناس سادهم الخواءُ
فغاصوا في سفاهات جسام
وغرهم التعري والعراءُ
فصاروا ضمن أشرار لئام
بهم في ذل عيشهم ابتلاءُ
وظنوا وهم علياء التعري
بها يهوي بشقوتها الغباءُ
خسئتم بئس ما قلتم .. فعلتم
فعال النكر زينها انكفاءُ
وكنتم بُهْمَ أهواء بقلب
يقلبه مع الريح الهواءُ
فما لكمُ بدينكمُ اتباعٌ
وما لكمُ بشرعته انتماءُ
وما لكمُ اعتقادٌ فيه نورٌ
به لكمُ لمنهجه الولاءُ
كما الأنعام عيشتكم فخبتم
وخاب القصد وانكسر الإناءُ
أفيقوا إن مرتعكم وخيم
له بالسعر في النار انتهاءُ
وطوق الفوز توبتكم بصدق
بها يغشى جوارحكم بهاءُ
فحفظ الفرج من عهر وفسق
بستر الطهر للنفس اهتداءُ
فمن ترك الحياء بكل فَجٍ
له بالإثم والشر اجتراءُ
ومن رام النجاة إليه يأوي
هو الإنقاذُ للمرء الحياءُ !!