الخميس، 8 سبتمبر 2011

بئس الضجيع :: شعر :: صبري الصبري

بئس الضجيع
***
شعر
صبري الصبري
***

يــــــا شِـــعْـــرُ بـــلّــــغ لـلـجـمــيــع مــقــالـــي
وأذع عـلــيــهــم مــحــنـــة (الــصـــومـــالِ)
قــــــــوم جــــيــــاع بـالــفــيــافــي أقــــفـــــرت
مــــــا بـــيـــن صـــخـــر جـــامــــد ورمـــــــالِ
وصــــــراخ أطـــفـــال بـــصــــوت خـــافــــت
مــــــن فــــــرط وهــــــن مــطــبـــق بــنــكـــالِ
وجـــلــــود أجـــســــام تــشـــكَّـــل ســمــتــهــا
كـــخـــريــــطــــة إنــــســـــيـــــة الأمـــــــيـــــــالِ
وشــخــوص أشــبــاح لـخـلــقٍ أصـبــحــوا
فــــــــي قــبـــضـــة جــهـــريـــة الأغـــــــــلالِ
بـــــعـــــراء عــــــــــوز مـــفـــجــــع آلامــــــــــه
نــــادت بــجــوف فــــي الـمـجـاعـة خـــــالِ
حـــــل الـــهـــلاك فــــــلا مــغــيــث بـنـكــبــة
نــكــبـــتـــهـــمُ بـــفـــظــــاعــــة الأهــــــــــــــوالِ
شـــح الـغــذاء وإن صـدقــت فــــلا غــــذا
لــــهـــــمُ ولا مـــــــــاءٌ بــــجـــــوف قــــــــــلالِ
جـــفـــت مـراعـيــهــم فـــمــــات قـطـيـعــهــم
بـــيــــن الـــــــدروب تــوشــحـــت بـــكــــلالِ
والــروضـــة الـغــنــاء أضـــحـــت مــرتــعــا
لــلــدود يـنــهــش مـــــن مــضـــى لـــــزوالِ
والــطــيــر ولَّــــــى مــــــن مـــراتـــع بـــلــــدة
صــــــــــار خـــــرابـــــات بــــــــــلا إظــــــــــلالِ
مـــــا عــــــاد يـــهـــوى بـالـغــنــاء مــرابــعــا
كــــانــــت بــــــــروض مــثـــمـــر وظــــــــلالِ
والــحـــرب بــثـــت بـالـضـعــاف سـعـيـرهــا
مــــــــا بــــيــــن فــــقــــر مــــدقــــع وقــــتــــالِ
فـكـأنــهــم أســــــرى بــقــيـــد خـصــومــهــم
شــــدوهــــمُ فــــــــي هــولـــهـــم بــحـــبـــالِ !
مــا بـيـن سـنــدان المـجـاعـة حـوصــروا
بــمــطـــارق شـــتــــى مــــــــن الأعــــطــــالِ
حــتـــى تــهـــاوى صـرحــهــم فـــــي لــجـــة
أودت بـــــهـــــم بـــمـــســــاوئ الأحــــــــــوالِ
نـهــبــت مـعـايـشـهــم مـــعـــاول هــدمــهــم
لــكــيــان (صـــومـــال) هـــــــوى بــمــهـــالِ
وتــفــرقــت أركـــــــان دولــتــهـــم عـــــــوت
فــيـــهـــا ذئــــــــاب الــــحـــــزن والــبــلــبـــالِ
وتــخــاصــم الأهــــــل الـــذيـــن تـســلــحــوا
بــالــعـــجـــز والــتـــخـــريـــب والإهـــــمــــــالِ
يا ويح من غرسوا الحراب .. حقولهم
غــلَّـــت حــروبـــا فـــــي نــمـــاء خــبـــالِ !
تــــلــــك الــمـــآســـي أقــبـــلـــت بــــأوارهـــــا
بــلـــظـــى ســعـــيـــر حــــــــارق الأرتــــــــالِ
بـــئـــس الـتـنــاحــر لـلــزعــامــة ويــحــكـــم
عــــــــودوا لــرشـــدكـــمُ بـــغـــيـــر جـــــــــدالِ
وكــفــاكــمُ الـــجـــوع الـمـمــيــت لـشـعـبـكــم
نـــشـــبـــت أظــــافـــــره بـــقـــلـــب عــــيـــــالِ
وتـمـكـنـت مــــن جــســم شــعــب صــابــر
بـالـكــدح يـحـيــا فــــي حــمـــى الأطـــــلالِ
كـــانــــت لــديــكـــم بــالـــرخـــاء حــــضــــارةٌ
بــــــادت وولــــــت فـــــــي بــعــيـــد مـــنــــالِ
والآن مــــأســـــاة الــــهـــــلاك تــــجـــــذرت
فـــيــــكــــم كـــــهــــــم هـــــائــــــج الـــــزلــــــزالِ
مـــــا عــــــدت أقــــــدر أن أنــــــام وأنـــتـــمٌ
بــالــجـــوع جــــــــال بــأبـــشـــع الــتـــجـــوالِ
هــــل يـهــنــئ الـعــيــش الـلــذيــذ وأخـــــوة
فــي الـديـن فــي هــول بـبـؤس مــآل ؟!
هــــل يــأكــل الإنــســان حــلـــوى عــيـــده
وهــــمُ ب(صــومــال) بـغــيــر غـــــلالِ ؟!
هـــل يـضـحـك الـضـاحــي بــمــلأ لـهـاتــه
والـــدمـــع يـــمـــلأ أعـــيـــن الأطـــفـــالِ ؟!
مـــاتـــوا بــصــومــال الـمـجــاعــة جـــهـــرة
ولــــهـــــم أنــــيـــــن صــــــــــارخ بـــــســـــؤالِ
أيــــــن الـــكـــرام الـمـسـلـمــون وغــوثــهــم
أيــــــن الأيــــــادي أقــبــلـــت بــالــمـــالِ ؟!
أيـــن الــغــذاءُ مــــع الــــدواء وأيــــن مــــا
جـبــلــوا عــلــيــه بــرحــمــة ووصــــــالِ ؟!
أيـــــــن الـمــنــابــر بـالـخـطــابــة ذكــــــــرت
قــومـــي بـــحـــق واجــــــب الإرســــــالِ ؟!
أيــــــن الـــذيـــن لـــهـــم ثـــــــراء بـالــغــنــى
ولـــهـــم رصـــيـــد ذاخـــــــر الأمـــــــوالِ ؟!
أيـــــــن الــقــوافـــل بــالإغــاثـــة أنــــقــــذت
مــن كــان حـيــا فـــي رؤوس جـبــالِ ؟!
أو بــالــســهـــول تـــحـــجــــرت ذراتـــــهـــــا
بـــعــــد الــجـــفـــاف بــــوفــــرة الأســــمــــالِ
بالله قـــــومــــــوا مــحــســنــيـــن إلـــيــــهــــمُ
مـــــدوا إلــيــهــم عــونــكــم فــــــي الـــحـــالِ
كـــونــــوا الأطـــبــــة بـالـحـنــانــة طــبـــبـــوا
لـــهــــمُ الـــجــــراح بــأحــســـن اسـتــقــبــالِ
كـــونـــوا طـــهـــاة مـطـعـمــيــن بـطــونــهــم
ف(الجـوع كافـر) يــا أولــي الأعـمـالِ !
يــــا مــــن جـعـلـتــم بـالـحـيــاة قـصــوركــم
أبـــهـــى الـــزخـــارف فــــــي أتــــــم نــــــوال
يــــا مـــــن حـسـبـتــم لـلـسـبـائـك وزنــهـــا
تـــــبـــــرا تـــكـــاثــــر بــيـــنـــكـــم بـــــحــــــلالِ
يــا مـــن ضـربـتـم فـــي التـكـافـل لـلــورى
بـــالـــبـــذل أجــــمـــــل أســـــــــوة ومـــــثـــــالِ
يـــــا مـــــن أغـثــتــم بـالإغــاثــة مـسـلــمــا
يــهــفــو إلــيــكــم يــــــا أحــــــن رجـــــــالِ !
هــــيـــــا إلـــيـــهـــم مــســرعــيـــن فـــإنـــهـــم
أضـــحـــوا بـــنــــاب الـــجــــوع كـالــغــربــالِ
بئـس الضجيـع ضجيعهـم فــي بؤسـهـم
فــــقــــر الـــجـــيـــاع بـــأثـــقـــل الأثــــقـــــالِ
وتــنـــوعـــت فــيـــهـــم شــــدائــــد كــــربـــــة
تــســري بــــداء فـــــي الـعــظــام عــضـــالِ
هــــل تـتـركـوهــم لـلـفـنــاء ؟! وإن يــكـــن
سـيـكــون عــــارا فـــــي نــهـــى الأجــيـــالِ
ومــــراحــــل الــتـــاريـــخ تــشـــهـــد أنــــنــــا
أهــــــــل الــتــكــافــل مــعـــشـــر الأبــــطــــالِ
لأخـــــــــوة الإســــــــــلام حــــــــــق مـــــلـــــزم
بـــزكـــاتــــكــــم لــلـــمـــعـــســـر الـــــمـــــيَّـــــالِ
للمـحـسـن الـزاكــي الـهـصـور المـعـتـنـي
نـضـر السمـاحـة ذي الـنـدى المفـضـالِ
يـــا شـعــر حـــرَّك فـــي الـقـلـوب عـنـايـة
بــــهـــــم بــــنـــــص صـــــــــادق الأقـــــــــوالِ
وأذع لــكـــل الــنـــاس نـــبـــض قــصــيــدة
لامــــــيــــــة ب(الــــكــــامــــل) الــــمــــنـــــوالِ
فــلــعــل قـــومــــي بـاســتــمــاعٍ مــنــصـــت
لــــحــــروف شــــعــــر دامـــــــــع الــــمـــــوالِ
ولــعــلــنـــا جـــمـــعــــا نـــــهـــــب بـــنـــجــــدة
لـــــهــــــم بـــــعــــــزم مـــــســــــرع مـــــتــــــوالِ
وجـــــزاكـــــمُ الله الــمــهــيــمـــن فـــضــــلــــه
يــــــا مــــــن بــذلــتــم واســــــع الأفـــضـــالِ
صـلـى الإلــه عـلــى الـنـبـي المصـطـفـى
طـــــــــــه (مـــحــــمــــد) (أحــــــمــــــدٍ) والآلِ
والـصـحــب والأزواج مــــا هــبــت صــبــا
بــعــطـــاء ربـــــــي الـــواحــــد الـمــتــعــالِ !

رمضان ولى

معارضة لقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي : رمضان وَلَّى

(رمضان ولَّى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق)

*****
رمضان ولَّى
***
شعر
صبري الصبري
***

(رمـضــانُ وَلَّـــى) فـانْـبَــرَتْ أشْــواقِــي
تَـبــكِــي الـصــيــامَ بــأدمـــع الأحــــــداقِ
وتـقــول يـــا خـيــرَ الـشـهـور تـركـتـنـا
ومـضـيــت فــــي هــجــرٍ لــنــا وفـــــراقِ
قــد كـنـت فـيـنـا وارتـحـلـت فـمــن لـنــا
بــعــد الـرحـيــل إلــــى مــــدى الآفـــــاقِ
فـــلأنـــت حِــــــبٌّ لـلـقــلــوب سـكـنـتـهــا
وقــطــنــت فــــــي روح لـــنـــا ومـــآقــــي
لَــمَّــا أتــيــتَ إلـــــى الـبــريِّــة سـاطــعــا
بــالــنـــور عـــــــمَّ الأرض بـــالإشــــراقِ
جـــاء الـهـنــا حَــــلَّ الــهــدى بحـيـاتـنـا
نـلـقــاكَ يــــا شــهـــر الـتــقــى بـعــنــاقِ
حـــقـــا فــرحــنــا بـالــصــيــام وشـــهــــره
لَــــمَّـــــا أتــــانـــــا هـــاهـــنــــا بـــتـــلاقــــي
صـمـنــاكَ نــرجــو رحــمــةً مــــن ربــنــا
ومــكــثــت فــيــنـــا نــرتــقـــي بــمــراقـــي
قــمــنــاكَ نــهــفـــو لـلـعـطــايــا أقــبــلـــت
مـــــــن ربـــنــــا الـمـتـفــضِّــل الــــــــرزاقِ
فــيـــك اهـتـديـنــا بـالـهـدايــة والـصــفــا
بـــصـــلاح قـــلــــبٍ مـــغــــرمٍ مُــشــتـــاقِ
وبــــــك الـتـقـيــنــا ذكـــريــــاتٍ عـــذبــــةً
فـي (بــدر) .. فــي مــاء لـهـا رقــراقِ
فـي فتـح (مكـة) والحبيـبُ بـهـا يــرى
أفــــــواج نـــــــاس أســلــمـــت لـلــبــاقــي
فـيـك استـفـدنـا مـــن عـقــودٍ أُجْـمِـلَـتْ
فــــــــــــي لــــيــــلــــة قــــــدريـــــــة الأرزاقِ
بـالــعــشــر قـمــنــاهــا لــــــــربٍّ واحــــــــدٍ
فـــــــــرد عـــظـــيـــمٍ قــــــــــادرٍ خــــــــــلاَّقِ
ورحــلــت عــنــا يـــــا صــيـــامُ تَـرَكْـتَـنَــا
نـبـكـيــك نــــــذرف أدمــــــع الأشــــــواقِ
رمـــضـــان ولَّــــــى وانــتــهــت أيـــامُــــهُ
لــكـــنـــه فـــــــــي مـــهـــجـــة الـــعـــشَّـــاقِ
يــحــيــا بـــنـــا بـالـصـالـحــات تــألــقـــت
طـــــول الــمـــدى بـمــكــارمِ الأخــــــلاقِ
ويـعـيــش فـيـنــا بـالـفـضـائـل والـســنــا
بـضــيــاء نــــــور مـــشـــرق مــتــلاقــي
بـالـصـالـحـيـن بـشــوقــهــم وهـيــامــهــم
وبـــودهــــم فــــــــي هــــمــــة الــسَّـــبَّـــاقِ
مــهــمـــا تــبــاعـــد لـلــصــيــام ركـــابــــه
سـنــظــل فـــــي حــــــب لــــــه ووفــــــاقِ
رمضان باق في القلوب وفي النهى
يـحـيـا بــــروح الـقـلــب .. بـالأعـمــاقِ
ســأظـــل أشـــــدو لـلـصــيــام وشـــهـــره
شــعـــرا يُــشَـــرِّفُ بـالــهــدى أوراقــــــي
ســـأظـــل أمــــــدح بـالـقــوافــي دائـــمــــا
رمـضــانَ شــهــرَ الـخـيــر والإغــــداقِ
وأقــــــول يــــــا روح الـــفـــؤاد تـحـيــتــي
لـــك يـــا حبـيـبـي فــــي أجــــل ســيــاقِ
ســنــظــل نــرتــقــب الــفــضــاء لـعـلــنــا
نــلــقـــى هـــلالــــك قـــادمــــا بــمــســـاقِ
يــــا مــــن سـقـيــت حـيـاتـنـا وقـلـوبـنــا
أرواحـــــنـــــا وعــقــولـــنـــا بــمـــســـاقـــي
رمـضــان ولَّـــى يــــا رفــــاقُ تـجـهــزوا
لـلــســيــر فـــــــي درب لـــــــه بــلــحـــاقِ
نـرعــى الـعـهـود بصـدقـنـا وصـلاحـنــا
بـــفـــلاح حـــفـــظ الــعــهــد والـمــيــثــاقِ
هــيــا جـمـيـعـا لـلـبـقـاء عــلــى الـتـقــى
يـــا أخــوتــي يــــا صـحـبـتـي ورفــاقــي
رمـضــان وَلَّـــى فاسـقـنـا فـــي عـيـدنـا
مـــــــاءً زلالا طــــاهــــرا يــــــــا ســــاقــــي
فالـعـيـد جـــاء بـفـطــره حــلــوى الـهـنــا
تــزهــو لــنـــا فـــــي أجــمـــل الأطــبـــاقِ
سـنـصـوم بـعــد الـعـيــد ســتــا أقـبـلــت
مــــن شــهــر شـــــوالٍ أتـــــت بـــــرواقِ
فبـهـا صـيـام الـدهـر قــال المصطـفـى
مـــن طـــار لـلأقـصــى بـظـهــر بــــراقِ
صـلــى الإلـــه عـلــى الـحـبـيـب وآلــــهِ
طــــه الـمـشَـفَّـع طــاهــر الأعــــراقِ !!