الثلاثاء، 30 يناير 2018

سِلاحُ الشجب



 سِلاحُ الشجب
***
شعر
صبري الصبري
***
سِلاحَ الشجب يا أوهى سِـلاحِ
تركت الناس في دَمْعِ النُّــواحِ

مع التنديد وَاجَهْنَـــا يهوداً
بأرض القدس في شَرِّ اجْتِيَــاحِ

بالاستنكارِ أصدرنا بيــــاناً
به الأجيال في عجز الكُسَــاحِ

بضعف العزم ســطَّرنا حروفاً
بها البلغـــاءُ في كل النَّوَاحِي

يقولون المقالة بانفعــــالٍ
به يَحْيَوْنَ في أبْهَى ارْتِيَـــاحِ

فقد قالوا وأدُّوا كل شيء
بإقبال المساءِ أو الصَّبَــــاحِ

وقد بعثوا إلى الأقصى جيـوشاً
من الشجب المُلَغَّمِ بالرِّمَــاحِ

وقد كتبوا إلى قدسٍ حديثــاً
تجلَّى في قواميس الصِّحَــاحِ

بجعبتهم عتـــادٌ من كلامٍ
بلا خجلٍ بممجوج افتضــاحِ

فَيَالِقُهُم إذا شَـــاءت سيوفاً
توشحت الفصـاحة في الرواحِ

غُدُوُّهِمُ التباحثُ في شــجونٍ
عن السِّلْمِ الموشَّى بالسَّمَــاحِ

عن الأمن الرغيــد لِكلٍ شعبٍ
وإن سرقوا الأراضي والْمَسَاحي

وإن دكُّوا البيـوت على نساءٍ
وأطفالِ البراءةِ في انشـــراحِ

وإن داسـوا الحقوق ومن إليها
ينادي في السياسة باقتـراحِ !!

وإن سجنوا الأسـير بكهف بغي
وتهمته تفــــاهات التلاحي

وإن قتلوا الشهيــد بكل حقدٍ
بِغِلِّ الفتكِ ذي الهول المُبَــاحِ

نواجههم بشجبٍ راح يعلــو
بحنجرة الهتـــافِ مع اجتراحِ

لآثام الحضارة في اندفـــاعٍ
لتغريبٍ العقولِ بـ(الانفتاحِ) !

ويا عجباً لما بَثُّـــــوا إلينا
من العبث المقيــت أو المِزاحِ

كذا اللهو البغيض مع افتتــانٍ
بمعروضِ المجون أو السِّفَـــاحِ

نشاهدها بأطبـــــاقٍ بجوٍّ
تلاحقنا بموجـــاتِ انبطاحِ

وشاشاتٌ بها إفكٍ تَبَدَّى
مع الشهوات في كل الضواحي

ومازالت فلســــطينٌ بجرح
تعاني القهر في حزن الوِشَـــاحِ

فَوَجَّهْنَا الكلامَ صفـوف زحفٍ
من اللغو المُكَدَّسِ بالبـــواحِ

وإن قامت مظــاهرةٌ فتَـوَّاً
نحاصرها لتقصيرِ الْجِمَـــاحِ

وإن عقدوا على الفور اجتمـاعاً
طويلاً من مَسَـــاءٍ لاصطباحِ

فتنديـــــدٌ وتكرارٌ لقولٍ
بالاستنكارِ في صِيَغِ الصِّيَــاحِ

وأقصــــانا يَئِنُّ بدمعِ حزنٍ
من الهمِّ الموقر بالجِـــراحِ

فهل زَحَفَتْ جيوشٌ من رجـالٍ
بِعُدَّتِهَا بمصقــــول السلاحِ

يؤلفها على الحســـنى يقينٌ
ويزجيها لمقصودِ الفـــلاحِ

يوجهها لقدسٍ في انطـــلاقٍ
من الشجعانِ في جيـش الصلاحِ

فهذا أمَّتي أمضى سبيل
لعار الشجب والتنديد ماحِ

وهذا وحده إنقــــاذُ قدسٍ
فَهُبُّوا تغنموا عِزَّ الكِفَــاحِ !!

الأحد، 28 يناير 2018

البرسيم

البرسيم
***
شعر
صبري الصبري
***
قل للخروف : أنأكل البرسيما ؟!
فاسأل لديكم ــ لو سمحت ــ زعيما

واعرف جوابا للسؤال بدقة
إن كنت تلقى بالقطيع حكيما

من ركب أنعام برقة همسة
حتى نحقق للغذا تنظيما

لا ترفع الصوت الجهور فربما
أضحى السؤال بخجلة معلوما

ويكون للإنسان فيكم نكتة
تحوي السياق الواضح المفهوما !

وينال تقريعا لديكم خلسة
ولربما نال المرا المذموما

أيصير برسيم البهائم مطعما
لك يا بن آدم ؟! أعلن التسليما !

واجلس بمائدة الخراف سويعة
فيها تلاقي بالحياة نديما

أغفلت عن ذاك الطعام تركته
دهرا طويلا بالحقول سليما ؟!

وذُهلت عن عود شهي أخضر
يحوي لبرئك بالشفا إنزيما ؟!

والآن ترغب أكله بمراتع
داوت لديكم بالعلاج سقيما !

وثوى الحمير بنظرة مصحوبة
بعجيب فكر يطلب التفهيما

والخيل أيضا والبغال وثلة
للآكلين من الربوع هضيما

شخصوا جميعا بالتعجب سائلا
فلربما صار الأنيق بهيما

ينضم للأنعام يأكل أكلها
يرجو بقلب واجل تعتيما

في أيكة البرسيم يغشى حقلها
فيها يلاقي بالأمور عليما

كي يشرح الأسباب شرحا وافيا
يسري يلامس للعقول تخوما

قل للخروف لقد وجدنا عندكم
نبتا تسامى بالدواء فخيما

للقلب والشريان أيضا والدما
ستنال من ذاك الغذا تطعيما

وعصارة البرسيم مثل عصارة
لفواكه قد عُممت تعميما

ولربما فاقت ثمارا أمعنت
فينا أضرت بالبلاء جسوما

بالسكر الممزوج فيها أضمرت
وعيا تهدم عزمنا تهديما

بالوهن بنكرياس إفراز الْمُنَى
أَضحى عليلا محبطا مهموما

والعين بالإبصار عانت عتمة
جاءت ولاقت بالفضاء غيوما

والناس مَلَّت بالدواء المرتجى
كيمياء تهجم بالبلاء هجوما

حتى تجلَّت وصفة مضمونة
كانت غذاء للحمير قديما !

صارت بتحليل دقيق ثاقب
بحقائق تستوجب التعليما

هيا إلى البرسيم إن بذوره
تحوي الفوائد فاحذروا التكميما

وكلوه أكلا شاملا فجميعه
قطعا يداوي بالفؤاد سموما

قالوا كذلك ! .. جربوه إذا رأى
عقل لديكم ما أقول ذميما !

فـ(النت) مملوء بأبحاث بها
أضحى (الهُمام) بمحتواه وسيما

عذبا نديا باخضرار حقوله
يهتز فيها بالثرى منظوما

فحقول برسيم العلاج ترقرقت
تخفي وتبدي للعموم علوما

لازلت أنتظر الخروف بحقله
يجري يسائل بالمروج حليما

أيحق للإنسان أكل طعامنا
لاقى بعدل بيننا تقسيما ؟!

هل يؤكل المحتاج برء سقامه
قدرا يحكم لبه تحكيما ؟!

أم يترك المرء السبيل ممهدا
ليحش حشا بالحشا مضموما ؟!

ويرى بعين خياله في سكرة
بالأفق والكون البعيد نجوما

إني وجدت أطبة في طبه
جاءوا إليه وقدموا تقديما

بعصيره وبذوره وفروعه
وجدوه نبتا بالسخاء كريما

وصفوه وصفا للجميع فليتهم
جعلوه أيضا للجروح خدوما

يا أيها البرسيم صرت مميزا
فينا بأدواء العباد رحيما

جاء الخروف بصمته متوسدا
أرضا ببرسيم الحقول مقيما

مسترسلا بوجومه في دهشة
يأبى الحديث ويرفض التكليما

فتكلمت عنه القصيدة سجلت
هذا السؤال : أنأكل البرسيما ؟!

الأربعاء، 17 يناير 2018

معشر الشعراء

معشر الشعراء
***
شعر
صبري الصبري
***
لكم المهيمن معشرَ الشعراءِ
في الناس أنتم أفقر الفقراءِ !

لولا "الوظيفة" لانتبذتم وجهة
للعوز سرتم في خطى استعطاءِ

وطرقتمُ أبواب حكام لنا
كالسابقين بحضرة الخلفاءِ

أو كنتمُ مثل الأوائل أدمنوا
داء الوقوف بردهة الأمراءِ

وكتبتمُ سيل القصائد تنبري
ببحورها بمجالس الوزراءِ

ومدحتمُ أهل الثراء بشعركم
كي تهجرون مضاربا لعناءِ

أو قد سلكتم بالفيافي مسلكا
للرعي بين طرائق البيداءِ

ولربما سار الضعيف مُحَمَّلا
بقصائد للبيع في الأرجاءِ

نادى عليها متعبا فلعله
يقتات منها قوته بغداءِ

ويبيت لا يرجو الطعام إذا مضى
باقي النهار مفارقا لعَشَاءِ

وثوى بكوخٍ بانزواءِ شجونه
في ليله ونهاره ومساءِ

لا يسكن الأبياتَ بانيها الذي
قد كان أمهر شاعر بنَّاءِ

فالعيش بالترف الوثير خرافة
لمن استقر خياله بخواءِ

ومشاعر الإنسان تسمو إن صفت
بسموها في رفعة العلياءِ

تزن الأمور حقائقا ودقائقا
وتوافقا بتوازن الأشياءِ

إيَّاك تهمل من تعول بغفلة
بالشعر بالإبحار في الأهواءِ

وتسير في درب سحيق مجدب
وتظن نفسك في حمى النَّعماءِ

فتضيع نفسك بالقريض مؤملا
ببحوره بحبوحة الإثراءِ

فالشعر همٌّ لا يُشبِّع جائعا
أو بالهواجر قد أتى بالماءِ

وهمومه كُثْرٌ فحاول تركها
حتى تنال مسرة بهناءِ

عنها تغافل ما استطعت مثابرا
إن الهموم قرينة الأحياءِ

والشعر مضيعة لمن رام الثرا
وسباحةٌ سيَّاحةٌ بهواءِ

ومشقة لمكابد آلامه
بتتابع الأحداث والأصداءِ

ورسالة لمن استلذ أداءها
بعزيمة في صبره الوضاءِ

بتألق الإنسان بالخير الذي
قد فاض شعرا في ربى الأنحاءِ

بالحب يحيا مشرقا متطهرا
من زيغ أهل الفسق والأدواءِ

بمحبة الأوطان ينذر شعره
ليصد عنها هجمة الأعداءِ

كن كالطيور بشدوها وغنائها
لكنها تسعى بالاستقصاءِ

عن رزقها في كدها بحياتها
والله يعطيها أجلَّ عطاءِ

بتوكل تغدو الخماصُ بعزمها
وتروح في بسط وفي استرخاءِ

تشدو على غصن رطيب بعدما
رعت الصغار بروضة خضراءِ

من كان محتسبا بشعر إنه
متصدق بقصيده بسخاءِ

متوجه لله يرجو بره
ونَدَاه يدعو ربه بدعاءِ

لنجاة أمة (أحمدٍ) من فتنة
مجنونة مخبولة رعناءِ

يهب الكلام العذب طرا للورى
يسري لهم في طيبه كدواءِ

بمكارم الأخلاق يدعو دعوة
ميسورة في حكمة الحكماءِ

وبمدح طه المصطفى نور الهدى
ينوي الجوار لـ(أحمد) بلقاءِ

والآل والصحب الكرام جميعهم
فهم النجوم بساطع الأضواءِ

بدر البدور (محمد) في مدحه
نال المنى جمع من الشعراءِ

حازوا المواهب والمحاسن والعلا
بفتوح ربك أرحم الرحماءِ

صلى الإله على النبي آله
خير الخلائق .. سيد الشفعاءِ !!