السبت، 29 أبريل 2017

شعبان جاء

شعبان جاء
***
شعر
صبري الصبري
***
 (شعبان) جاء فأكرموا  (شعبانا)
فبإثره نلقى الهدى (رمضانا) !

(رجبٌ) يتم فجاءنا شهرٌ  به
نفحات ربي تملأ الأكوانا

فيه ارتفاعٌ للصحائف وُقِّرَت
أعمالنا بعد الذي قد كانا 

من أمر تفريط وإهمال لنا 
بالسيئات تهاونا وهوانا  

وذنوب أيام تمر مع الهوى 
فيها نرافق بالدجى العصيانا 

أو مكرمات بالتزام محاسن  
حسناتها تتشوق الميزانا

هو شهر خير واتزان سجية 
للمؤمنين استحسنوا الإحسانا 

وترسموا نهج الرشاد وما حوى 
من صالحات تصلح الإنسانا 

ما أجمل استسلام قلب راشد
لله يعطي المسلمين أمانا
ويمدهم بالعون دوما واهبا
لهمُ المزيد ويمنح اطمئنانا

وسكينة الأرواح في نور التقى
تهنا بطاعة ربها تتفانى

في كل أيام الشهور بهمة
تزداد إن لاقت هنا (شعبانا)

ليكون بابا ذا اتساع وارف
لصيام شهر قادم يغشانا

(شعبانُ) حاز من الحبيب صيامه
إلاَّ  قليلا هكذا قد جانا

بصحيح قول في روايات لها
صدقٌ تخلَّلَ بالضيا الآذانا

وأنار بالهَدْي القويمِ بحسنه
وجماله طول المدى الوجدانا

واستبشر الغفران عبدٌ طالما
من فرط طغيان الخطايا عانى   

فبشائرُ الرضوانِ هَلَّت وانتشى
منها الفؤادُ يجدد الإيمانا 

ويحل في روض الخشوع لربه
يبدي بتلقاء الولا  إذعانا 

وبيسر إقبال الجوارح يرتجي
من عفو جود إلهنا الغفرانا
ويمد كفَّ سؤاله لمليكه
يرجو السماح ويطلب الرضوانا

(شعبانُ) شهرٌ للصلاة على النبيِّ
(محمدٍ) من بالهدى أولانا

واشتاق أن يلقى بحب فؤاده
وحنانه ووداده الخلاَّنا

يسيقهمُ من حوضه كأسَ الهنا
يرويهمُ رِيَّاً لهم ريانا

آيُ الصلاة على المشفع أُنزِلَتْ
في شهر (شعبان) الضياء بيانا

لمقام خير المرسلين (محمدٍ)
واقرأ بذلك دائما قرآنا

إنَّ الصلاةَ على الحبيب غنيمةٌ
عظمى توافي الروح والأبدانا

وتطيب فيها أنفسٌ بأريجها
تغشى بحب المصطفى البستانا

وبليلة النصف الجليلة شأنها
فخمٌ .. فأعظم بالبهية  شانا !

ولها اشتهارٌ بالفضائل طالما
حلت وفيها المرتجى  وافانا

وبه التَّحَوُّلُ للصلاة لكعبة
بالوحي أنزل ربُّنَا تبيانا

يا شهرَ  رِيٍّ للغروس بأرضها
تنمو لنحصد بالصلاح مُنانا

نشتاق شهرا للصيام به الهدى
من باب (شعبان) الجمال أتانا

ونعيش أحلى الأمنيات عبيرُها
ينساب في طيب اللقا حَيَّانا

حَيُّوه مثل تحية بل أحسن
إنَّ التحايا بالصفاء هنانا

فأتِمَّ شهرا بارئي بسلامة
حتى نلاقي بالجلال حِسَانا

(عشرا) و(قدرا) والملائكَ أُنْزلَتْ
(جبريلُ) فيها قد أنار مكانا

وفق إلهي المسلمين لصومه
وقيامه واشدد لهم بنيانا

واهزم بفضلك يا إلهي خصمهم
دمر ببأسك سيدي العدوانا

صلى الإله على النبي وآله
ما الصوم في شهر الهدى قد حانا !

السبت، 8 أبريل 2017

خان شيخون


خان شيخون
***
شعر
 صبري الصبري
***
يا (خان) خانك مجرمٌ خوانٌ
فظ كريهٌ بالخسار جبانُ

صب القنابل عامدا متعمدا
فتصدعت  بسمومها الأركانُ

وتلوثت وتفتت وتألمت
فتحيرت مما جرى الأذهانُ

ماذا حصدتم بالجرائم أشعلت
نار الضغينة شنها العدوانُ ؟!

في (خان شيخون) استقر بخيبة
بمصائب  قد صاغها الطغيانُ

وتقلب الوغد الأثيم بحسرة
في منتهاها للبغيض هوانُ

وتتابعت عبر السنين فواجع
فيها العنا والبؤسُ والحرمانُ

جهرا على مرأى الجميع نوازلٌ
منها يضج مع الأسى الثقلانُ

شاهدت أهوالا شدادا أطبقت
بسوادها الآلامُ والأحزانُ

واسترسلت نكباتها بسعيرها
يأسى لها  وجحيمها  الوجدانُ

فالكل فيه بالاحتراق وباللظى
بلهيبه قد أُحرق الولدانُ

ورجالهم ونساؤهم وشيوخهم
وشبابهم والنشأُ  والصبيانُ

يا ويح أهل الشر مازالوا هنا
في الشام فيه الظلمُ والبهتانُ

وبه جرائم حقدهم بسفاهة
فيها الهوى والقتلُ والخسرانُ

من أجل كرسيٍّ لحكم أمعنوا
في الموبقات .. تعاظم الحيوانُ

ليصول صولة مجرم متجبر
منه استقر مع الهلاك طعانُ

والشعب يلقاه العذابُ مصابرا
والشرُّ  والتمزيقُ والخذلانُ

فجحافل الفتك استمرت هاهنا
في حربها وتتابعت صلبانُ

كُلٌّ يريد بفرض سيطرة علا
في شامنا قد مسه  الشيطانُ

في كل قطر لاجئون بعينهم
حزنُ الأسى والذلُّ  والأشجانُ

وسلوا بيم الضائعات من استوى
بالموت جثمانا به (إيلانُ)

والتائهون بكل أرض قطَّبت
لهم الجبين فضاقت الأكوانُ

واليوم (كيماوي) يصب سعيره
فيهم وطار لقتلهم طيرانُ

بأوامر الإجرام شن بحقده
غاراته في نارها الكفرانُ

والعالم (الحرُّ) (الشريفُ) كلامه
شجبٌ وتنديدٌ أتى وبيانُ

وبمجلس (الأمن) المريب لجاجةٌ
في جوفه يتصارع الثيرانُ

لغو ولهو وانسكاب محابر
بوثائق بسطورها (إعلانُ)

يُرمى بسلات القمامة لاحقا
فهمُ ذئاب والورى قطعانُ !

شماعة (الفيتو) تمانع دائما
إجراءهم .. ولتشهد الجدرانُ

هذي منظمة الضياع لمن رجا
فيها الأمان .. فهل أتى اطمئنانُ ؟!

في (خان شيخون) الجريمة أصبحت
بدلالة يبكي لها الإنسانُ

لكن أهل البغي فيهم لجة
بشرورها  يسترسل الطوفانُ

أين الرجالُ الطيبون وجهدهم
بل أين أين القادة الشجعان ؟!

شام تئن ولا مجيب فمن لها؟!
يخبو بها يا ذا الصلاح أذانُ

وطوائف التغريب تغرس مخلبا
في شامنا واسترسل الخوَّانُ

فمتى نفيق قد اعترنا سكرةٌ
في خمرها يتقلب السكرانُ

والشام كان ولا يزال بعلمه
فيه الضيا والفقه والإيمانُ

من قبل (حلب) قد تلاشت وانتهت
والآن (شيخون) بها النيرانُ

ما لي سواك وأنت ربي بارئي
أدعوه أنت الراحم الرحمنُ

صلى الإله على النبي وآله
ما جاء نصرٌ عاجلٌ وأمانُ  !

الأربعاء، 5 أبريل 2017

قل للربيع


قل للربيع
***
شعر

صبري الصبري
***
قل للربيع وقد أتاك مُرَجَّبَا
أهلا وسهلا يا ربيعُ ومرحبا

يا عرس روضات البسيطة أينعت
جهرا جمالا بالرحيق مطيبا

بخمائل الدوحات ينساب الشذا
فخما بهيا للقلوب محببا

ورقائق الأزهار فيك تبرجت
أبدت لنا حسن البهاء مسيبا

أرخت لنا ستر الحياء فأمتعت
بالطهر عاشقها العفيف المتعبا

في أيكة الإجلال ألوان زهت
بثت لنا مسك العبير مهذبا

واخضرت الأرجاء ضمت طيرها
غضا دقيقا بالغصون مؤدبا

صحوا يغني صادحا مترنما
شدوا نديا بالعذوبة مطربا

فالجو يسمو في الربيع بمن رجا
بسطا بآفاق الملاحة قد ربا

وازداد بالشوق المديد مُواكبا
لربيع إقبال المواهب موكبا

وبرونق الأزهار زينات بدت
أهدت لنا عبق الأطايب مسهبا

ببدائع التصوير صورها الذي
أعطى الخلائق في حماه المهربا

وأمدهم بنعيمه وبفضله
فيضا نضيجا بالهناء مرطبا

وأفاض من رزق السماء سقاية
فلقت نوى بالساكنات مخصبا

ما بين أشكال وألوان نمت
دوما نموا بالصفاء مرتبا

والأفق يحمل في ثناياه الرضا
يغشى فؤادا كان قبل معذبا

يرضى بفصل ذي هواء منعش
يهب النسيم المخملي مطببا

ومصاحبا ركب الأحبة هامسا
همسا بعشق صَبَّ فيهم مشربا

عذبا هنيا سلسبيلا منبتا
نبتا بديعا ذا حضور أشهبا

ويخط خطا ذو القريحة يرتجي
نصا فصيحا للربيع مصوبا

بيراع بوح عبقري منتقى
فالشعر آنس في شذاه المطلبا

أمت به الأبيات حلو أريجه
ذهبت تلاقي بالجمال المذهبا

فهم الذين تحدثوا عما به
واستغرقوا حتى شعورَهم سبى

فتراهم منذ الكتابة سجلت
فصلا نضيرا بالقصيد مُرَحَّبَا

حتى وإن بلغوا حدودا أمعنوا
فيها القريض في الانبساط تسببا !

و(البحتري) بشعره بث الوفا
نصا صريحا بالنصوص مضببا

صعب علينا والصغار بدهشة
تبقى لديهم بالتخيل مضربا

ضحك الربيع وما أجلَّ سروره
عنا جميعا كان فذا معربا

يا أيها الحسن الجليل المبتغى
شعري إليك مع القصيد تقربا

قل للربيع كتبتها لما أتى
فينا الجميلُ .. أممت فيه المكتبا !

والورد يلقاني برقته كما
يلقى الفؤادُ حبيبه المتغربا

يا زهرة الأحباب تيهي بالمنى
ضمي خيالا بالفضاء تقلبا

وثوى مريدا للغرام مصابرا
حتى به دون الأنام تلقبا !

تهفو جوارحنا المنيرة كلها
لربيعنا المحبوب جاء مرجبا

تخبو الهموم إذا تلاقت بالذي
كسب الأنام إذا أتاها المكسبا

طقس جميل لا يضاهى حسنه
حتى وإن كان الهواء متربا !

تصفو الحياة وما بها يلقى الورى
فصلا حبيبا للأحبة طيبا

فخما بهيا مستقرا ناضرا
حلوا صفيا بالرقائق صيبا

قل للربيع إذا أتاك : قصيدتي
تهديه حبي والوداد الأرحبا

صلى الإله على النبي وآله
ما الودق من بين السحاب تصببا !