الأحد، 24 مارس 2013

الأعداد في أحاديث خير العباد 3



الأعداد
في أحاديث خير العباد
صلى الله عليه وسلم
***
إعداد
العبد الفقير إلى الله
صبري الصبري
****
(العدد خمسة)
***
روي البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أُعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرُّعبِ مسيرة شهر وجُعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً . فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة " متفق عليه .

بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد خمسة قد جاء في هذا الحديث الشريف المتفق عليه ليبين لنا جانبا من خصائص الحبيب المحبوب للأرواح والأنفس والقلوب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو يتحدث بنعمة الله تعالى عليه ويقر بها شكرا لله وحمدا وليعلمنا صلى الله عليه وسلم جانبا من قدره الشريف ومقامه المنيف وليعلمنا أن نتحدث بنعم الله تعالى علينا شكرا لله تعالى وحمدا (وأما بنعمة ربك فحدث) الضحى ، وهذه الخصائص أختص بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من دون الأنبياء والمرسلين أعطاه الله تعالى إياها واختصه بها فضلا من الله وبسطا فهو حبيبه صلى الله عليه وسلم ومصطفاه ومجتباه ولا حرج على فضل الله يختص برحمته من يشاء ، ونستعرض تلك العطاءات الخمس :

الأولى : ( نُصرت بالرعب مسيرة شهر )

جعل الله تعالى لرسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نصرا بالرعب مسيرة شهر إذ يُلقي الله جل وعلا في قلوب أعدائه الرعب وبينهم وبينه صلى الله عليه وسلم مسيرة شهر ، فينهزمون ويجبنون ويرتدعون ويرتعدون منه صلى الله عليه وسلم ، وبهذه المزية وتلك العطية انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتصر الإسلام والمسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم ، وحدثت معجزات جمة في غزواته صلى الله عليه وسلم ، وكانت هذه العطية الربانية سببا في حقن دماء أعدائه صلى الله عليه وسلم أي كانت رحمة لأعداء الإسلام قبل أن تكون رحمة للمسلمين المجاهدين في سبيل الله في عهده صلى الله عليه وسلم ، إذا أنها حالت بين هؤلاء الذين يبعدون عن الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم مسيرة شهر فما دون ذلك وبين مواجهتهم جيش المسلمين وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أمَّر عليهم من الأمراء في الغزوات أو السرايا وهكذا نرى أنه صلى الله عليه وسلم رحمة حتى على الكفار وصدق الله تعالى إذ قال في محكم كتابه ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء ، وجدير بالذكر أن المسلم الصدوق له نصيب ولو قليل من تلك الكرامة فمن خاف الله تعالى أخاف الله منه كل شيء ومن عصى الله تعالى أخافه الله تعالى من كل شيء ، أسال الله تعالى أن يلقي في قلوب أعداء المسلمين الرعب وأن يمزقهم شر ممزق وأن يجعلهم غنيمة للمسلمين فقد عم الخطب وزاد الكرب وادلهمت الظلمة وتأخرت خير أمة فكن لنا يا ربنا ولا تكن علينا يا خير الناصرين .

الثانية : ( جُعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهوراً )

جعل الله تعالى لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم الأرض مسجدا وترابها طهورا فمتى أدركته الصلاة فليصل صلى الله عليه وسلم ومن فضل الله تعالى على حبيبه وعلى أمته أن أعطى للأمة تلك العطية الربانية فقال صلى الله عليه وسلم ( فأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ) فالحمد لله الذي حبانا تلك النعمة وأسدانا تلك الهدية التي تيسر لنا الصلاة وتقربنا من الحنان المنان بالتيمم إذا فقدنا الماء بشروط ذلك ومهد لنا افتراشنا الأرض الطهورة مصلين مقبلين على الله رب العالمين ، وهذا من تيسير الله تعالى للأمة أن تتقرب له بالصلاة التي هي معراج المؤمن لربها وبارئها وخالقها جل وعلا ، ويجب أن تتعلم الأجيال تلك النعمة العظيمة وشروط التيمم بالصعيد الطيب وهيئه وكيفية وأن الصلاة لا عذر لنا في تركها وأنها عماد الدين وأنها الفارق بينا وبين الكفار وأنها ركيزة حساب المؤمن يوم القيامة وأنها مضاعفة الأجر وأنها شرعت من فوق سبع سموات في ليلة الإسراء والمعراج ، وما لصلاة الجماعة من زيادة على صلاة الفرد ، وما لخشوعنا فيها من ثواب ، وما لختمها من أجر وما لنوافلها من إكمال لفرائضها ومن للدعاء في دبرها من فوائد حسان فالدعاء مخ العبادة ، وفقنا الهه لحسن إقامتها ورزقنا الخشوع فيها وتقبلها منا بمحض فضله وكرمه .

الثالثة : ( أحلت لي الغنائم )

جعل الله تعالى لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم الغنائمَ حلالا له ولم تحل الغنائم لأحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أحلت الغنائم لأمته تحفيزا للمجاهدين على الجهاد طمعا فيما عند الله تعالى من أجر وثواب في الآخرة وانتفاعا بما يغتنمون من غنائم في الغزوات والسرايا والمعارك والحروب التي يخوضونها لكي تكون كلمة الله تعالى هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ومن حكمة ذلك تجريد الكفار من أدوات عدتهم وعتادهم ومقوماتهم الاقتصادية التي يحاربون بها المسلمين ويتقوون بها على قتالهم وتعجيزهم حتى يسمعوا الحق ويتدبروه ولا يستعلون بما لديهم عليه بوقوفهم بما لديهم من أدوات ومعطيات في وجه الدعوة الإسلامية والنيل من المسلمين المجاهدين وتهديد الآمنين والإغارة عليهم وسلبهم ونهبهم ولقد حدد الله تعالى كيفية قسمة الغنائم وحذر من الغلول فيها وبين سلوك المؤمنين حيال لك وهو السلوك القويم الذي يناسب الغايات السامية التي من أجلها شرع الجهاد في سبيل الله عز وجل .

الرابعة : ( أُعطيت الشفاعة )

أعطى الله تعالى لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم الشفاعة العظمى يوم الدين حيث يعاني الناس بالمحشر ما يعانون من كرب وآلام ويبحثون عن شفيع لهم عند ربهم للعرض والحساب فيذهبون لآدم وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فيقول كل واحد منهم لست لها ويزكون الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها أنا لها ويسجد لله تعالى ويحمده جل وعلا بمحامد يفتحها عليه صلى الله عليه وسلم فيناديه ربه جل وعلا : ارفع رأسك يا محمد واشفع تُشَفَّع وسل تعط ، ويمن الله تعالى عليه بقبول شفاعته وإجابته سؤله ، فيشفع للعرض ويشفع في الحساب ويكون تارة عند الحوض وتارة عند الميزان وتارة عن الصراط يشفع للأمة لا يهدأ له بال صلى الله عليه وسلم حتى يطمئن على أمته حتى من دخل النار منهم يسأل الله له العفو والمغفرة فيخرجهم الله تعالى من النار بقدرته وعفوه وكرمه جل وعلا حتى لا يبقى في النار موحد شهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويشفع الحبيب صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر من أمته فينالون عفو الله ورحمته ، وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أولى الناس بشفاعته أكثرهم صلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ومن قال مثل ما قال المؤذن ثم قال اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته فتحل له شفاعة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، اللهم ارزقنا شفاعته العظمى يوم الدين يا رب العالمين .

الخامسة : ( كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة )

نبينا وحبيبنا ورسولنا الأمين محمد صلى الله عليه وسلم نبي عالمي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين ولم يبعثه لقومه فقط بل بعثه للإنس والجن وخصه بذلك دون الأنبياء والمرسلين الذين أرسلوا لأقوامهم كل على حدة لكنه صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة لذا جاء الخطاب القرآني للناس أجمعين (يا أيها الناس) ، ولأهل الكتاب (يا أهل الكتاب) وللذين آمنوا ( يا أيها الذين آمنوا) وجاءت دعوته للإنس والجن وجاءت سور القرآن حافلة بقصص الأولين والآخرين وما جرى بين الأنبياء والمرسلين وأقوامهم وحكى لنا أحداثهم وعبرهم وعذابهم إن كفروا ومآلهم إن صدقوا ، كما هيمن القرآن على ما سبقه من كتب وشهد الرسول عليهم وشهدت أمته على ما سبقتها من أمم ، فالإسلام دين عالمي لأن رسوله عالمي وكتابه عالمي ورسالته عالمية لا فضل فيها لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح ، ومن حكمة الله تعالى وتقديره أن بالعصر النبوي عاش من كل قارة من قارات الدنيا مندوب لها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قارة أفريقيا كان بلال بن رباح رضى الله عنه مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قارة آسيا كان سلمان الفارسي رض الله عنه ومن قارة أوربا والغرب كان صهيب الرومي رضى الله عنه فازوا بصحبة الحبيب صلى الله عليه وسلم وامتزجت ثقافاتهم وانصهرت في بوتقة الإسلام وجاهدوا في الله تعالى حق جهاده فكانوا لبني جلدتهم ولنا منارات إشعاع للخير والإيمان واليقين ، كما جاءت بعض الكلمات المتداولة في اللغة الحبشية واللغة الفارسية في كتاب الله عز وجل مثل كلمة مشكاة وكلمة تنّور فاندمجت مع اللغة العربية لحكمة ربانية جذبا لأهلها ودلالة على عالمية الإسلام وإشارة على تضمين ثقافاتهم ثقافة المسلمين العالمية التي لا تعرف حدود ولا تعترف بعنصرية ولا تمييز على أساس اللون أو العرق فالكل لآدم وآدم من تراب ولا فضل لأحد إلا بالتقوى والعمل الصالح ، (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ، قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت ، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) الأعراف








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق