الاثنين، 21 مارس 2016

أمي

أمي
***
شعر 
صبري الصبري
***
أمي ــ وإن ماتت ــ بنور مشرق
تحيا بمهجة خافقي بتشوقي

وتقيم في قلبي بلهفة نبضتي
بغرام تحناني لماضٍ شَيِّقِ

وأود لو كانت أمامي جهرة 
حتى أُقَبِّل كَفَّهَا للمرفقِ 

وأُقَبِّل القدمين حتى أرتوي 
من نبع بر طاهر متدفقِ 

برضا الأمومة في سياق تقربي 
منها بسعي صادق مستوثقِ 

وأمرغ الوجه المعنَّى في الضيا 
فلعله يحظى ببرء الْمُحْدقِ 

في سالف الذكرى الجميلة إنها 
روح وريحان جليل المنطقِ 

يا شعر أقبل ساطعا متلألأ 
بقصيد بر للحبيبة مبرقِ 

إن القوافي في مديح أمومة
تزهو بأسمى بهجة وترقرقِ

يحلو القريض وتنتشي أبياته
بوئام أحرفه بغير تفرُّقِ

أشدو لأمي أمهات عطائها
برسوخ حب واقتدار تحققِ

قد كانت الأيام أحلى عندما
أرنو ابتسامتها بوجه مشرقِ

وأرى لديها كل آمالي سرت
بشذا عبير مستطاب مورقِ

غض رقيق طيب متضمخ
بسرور بشرى ألفة وترفقِ

يا روضة الإسعاد فيها راحتي
ببهاء أنسي في سناك المغدقِ 

بمواهب شتى تراويح المنى
فيها فؤادي بالصفاء الأليقِ

برضاك عني أستقر به حَبَا
عمري السلامة في التزام الموثقِ 

تصفو حياتي في جوارك أينما
كنت انطلقت بفرحتي وتألقي

وإذا استبدت مدلهماتٌ أتت
نحوي بهَمٍّ بالخلايا مطبقِ

أو كنت في غمٍّ الحزين بعارض
فظ أتاني في إطار ضيقِ

ينفك عني ما ألمَّ بمهجتي
من فرط حيرة لوعتي وتمزقي

فلديّ روضة جنة مبرورة
منها ينابيع السعادة أستقي

ولدىَّ معراج المسرة والهنا
لبروج علياء المباهج أرتقي

من نورها وجهي ينير ببرها
بجميل إشراق بهيِّ الرونقِ

بالخير أهنى في سلوك محبة
تنساب في نفسي بعزم المشفقِ

أمي لها اشتاقت خوافق مهجتي
لازلت أمضي في رحاب تذوقي

لزمان حسن مبهر وَلَّى كما
ولت سحائب مبهرات تعمقي

يا بدر دهري يا ضياء معيشتي
قد سرتُ نحوك في مسير موفقِ

أهنى بقربك راتعا برعاية
وعناية ببراعة المتفوقِ

في حسن تربية بجامعة بها
أمي تعلمني سلوك المتقي

بالحب ترشدني رشادا دائما
لأكون في علمي بدأب تطرقِ 

وإذا نظرت إلى متون إجادتي
أجد استنادي للسياق الأوثقِ 

بوشائج الحسنى اتخذت سبيلها
بمكارم الأخلاق عز تخلقي

بضياء منهاج جليل طيب
عذب كريم ذي منارات نقي

بالبر يسعد من يكرم أمه
أما العقوق فدرب خسران الشقي

أمي لها بابٌ فسيحٌ بالدعا 
لله ربي ملجئي وتعلقي 

فأرى عجائب لطفه بدعائها
يأتي بستر للأمور منسقِ

كنزٌ هي الدعوات من قلب به
رحمات إمداد بخير تحلقِ

أنا لست أنسى يوم ماتت وانطفا
نور انسجامي من أنيني المفلق

أبكي بأحزان الوداع فراقها
بشجون دمعي وانهمار تحرقي

أمي ــ وإن ماتت ــ تعيش بخافقي
وبخاطري دوما بأحرف منطقي

وإذا ذهبت إلى القبور أزورها
أهفو لبرزخها بشوق مطلقِ

وأكاد أسمع صوتها يأتي كما
كنا بأيام المعيشة نلتقي

ولها دعائي للإله المرتجى
لتنال في الفردوس خلد الْمُعْتِقِ 

وتخصّ والدتي الحبيبة بالعطا
إني دعوتك في خضوع مصدقِ

صلى الإله على النبي المصطفى
ما لان صخر في خشوع تشقق 

والآل والأصحاب طرا ما شدا
طير على غصن لجمع مطرقِ 

وجميع أزواج الحبيب المجتبى
ما الشمس لاحت بكرة بالمشرقِ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق