الجمعة، 5 أبريل 2013

الأعداد في أحاديث خير العباد 6

الأعداد
في أحاديث خير العباد
صلى الله عليه وسلم
إعداد
العبد الفقير إلى الله
صبري الصبري
****
(العدد اثنان)
***
روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

(كلمتان خفيفتان على اللسان , ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلي الرحمن , سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم )) متفق عليه .


بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين ، أما بعد فأستعين بالله تعالى وأقول أن العدد اثنان قد جاء في هذا الحديث الشريف المتفق عليه ليبين لنا كلمتين لهما مواصفات ثلاث يجمع من قالهما وذكر الله تعالى بهما وتعبد لخالقه جل وعلا خاشعا حاضر القلب بهما نال ما عند الله تعالى من الفضل والأجر بكرم الله تعالى ورضوانه .
ولنستعرض مواصفات الكلمتين :

أولا : أنهما خفيفتان على اللسان :

تمتاز الكلمتان أنهما خفيفتان على اللسان إذ أن المشتغل بالذكر بهما يجد بهما خفة على لسانه يجريان عليه بيسر وسهوله فلا يجد ثقلا ولا عسرا لأن حفظهما سهلا يسكنان العقل والقلب وينسابان على اللسان بتلقائية نورانية جليلة . يستطيع أن يذكر الله تعالى بهما ذكرا كثيرا في وقت قصير وبالتالي يحصد الأجر الوفير في زمن قليل .

ثانيا : أنهما ثقيلتان في الميزان :

تمتاز الكلمتان أنهما ثقيلتان في الميزان يوم تنصب الموازين القسط يوم القيامة يجد المسلم الذاكر لهما ثقلا له في ميزان حسابه فترجح كفة الحسنات بهما ويكونان سببا في تكثير وتثقيل ما لقي الله تعالى به من خير وتغليب ذلك على ما حصد من شر وإثم .

ثالثا : أنهما حبيبتان إلى الرحمن :

تمتاز الكلمتان أنهما حبيبتان إلى الرحمن جل وعلا وهذا شرف عظيم للكلمتين حيث أحبهما الله عز وجل وأحب أن يتقرب إليه المتقربون بهما ويذكره الذاكرون بهما ويطيعه الطائعون بهما ، وشرف عظيم لمن داوم على ترديدهما بقلب حاضر سليم إذ أنه يعرف أنهما محببتان للرحمن جل وعلا فجعلهما سبيلا لمرضاته وطاعته جل وعلا .

ما هما الكلمتان ؟

أولا : سبحان الله وبحمده

سبحان الله أي أنزه الله تعالى تنزيها عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته جل وعلا ، وأحمده حمدا كثيرا على كل ما أنعم به عليّ من نعم وما تفضل به من كرم وأجلها نعمة الإسلام وكفى به نعمة ، فبحمده وبشكره تدوم النعم وتزيد فهو أكرم الأكرمين وأعظم المنعمين وإله العالمين سبحانه وتعالى عما يصفون وتعالى علوا كبيرا .

وجاء في لسان العرب : وسبحان الله: معناه تنزيهاً لله من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله تعالى عن كل ما لا ينبغي له أَن يوصف، قال: ونَصْبُه أَنه في موضع فعل على معنى تسبيحاً له، تقول: سَبَّحْتُ الله تسبيحاً له أَي نزهته تنزيهاً، قال: وكذلك روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم؛ وقال الزجاج في قوله تعالى: سُبْحانَ الذي أَسْرَى بعبده ليلاً؛ قال: منصوب على المصدر؛ المعنى أُسبِّح الله تسبيحاً. قال: وسبحان في اللغة تنزيه الله، عز وجل، عن السوء؛ روى الأَزهري بإِسناده أَن ابن الكَوَّا سأَل عليّاً، رضوان الله تعالى عليه، عن سبحان الله، فقال: كلمة رضيها الله لنفسه فأَوصى بها.

وجاء في لسان العرب :
الحمد: نقيض الذم؛ ويقال: حَمدْتُه على فعله، ومنه المَحْمَدة خلاف المذمّة.
وفي التنزيل العزيز: الحمد لله رب العالمين.
وأَما قول العرب: بدأْت بالحمدُ لله، فإِنما هو على الحكاية أَي بدأْت بقول: الحمدُ لله رب العالمين؛ وقد قرئ الحمدَ لله على المصدر، والحمدِ لله على الإِتباع، والحمدُ لله على الإِتباع؛ قال الفراء: اجتمع القراء على رفع الحمدُ لله، فأَما أَهل البدو فمنهم من يقول الحمدَ لله، بنصب الدال، ومنهم من يقول الحمدِ لله، بخفض الدال، ومنهم من يقول الحمدُ لُلَّه، فيرفع الدال واللام؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال: الرفع هو القراءَة لأَنه المأْثور، وقال اللحياني: الحمد الشكر فلم يفرق بينهما. الأَخفش: الحمد لله الشكر لله، قال: والحمد لله الثناء. قال الأَزهري: الشكر لا يكون إِلا ثناء ليد أَوليتها، والحمد قد يكون شكراً للصنيعة ويكون ابتداء للثناء على الرجل، فحمدُ الله الثناءُ عليه ويكون شكراً لنعمه التي شملت الكل، والحمد أَعم من الشكر.
وقد حَمِدَه حَمْداً ومَحْمَداً ومَحْمَدة ومَحْمِداً ومَحْمِدَةً، نادرٌ، فهو محمود وحميد والأُنثى حميدة، أَدخلوا فيها الهاء وإِن كان في المعنى مفعولاً تشبيهاً لها برشيدة، شبهوا ما هو في معنى مفعول بما هو بمعنى فاعل لتقارب المعنيين.
والحميد: من صفات الله تعالى وتقدس بمعنى المحمود على كل حال، وهو من الأَسماء الحسنى .

ثانيا : سبحان الله العظيم

سبحان الله العظيم أنزه الله العظيم عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته جل وعلا ، فهو العظيم المستحق للعبادة رب الأكوان خالق الإنس والجان سبحانه له العظمة والعزة والجبروت الغفار القهار له الأسماء الحسنى والصفات العلا .

جاء في لسان العرب :

مِنْ صِفاتِ الله عزَّ وجلَّ العلِيُّ العَظِيمُ، ويُسبِّح العبدُ رَبَّه فيقول: سبحان رَبِّي العظيم؛ العَظِيمُ: الذي جاوَزَ قدْرُهُ وجلَّ عن حدودِ العُقول حتى لا تُتَصَوَّر الإحاطةُ بِكُنْهِه وحَقِيقتهِ.

تأملات في الحديث الشريف :

هذه نعمة عظمى علمنا إياها سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم كي نحصد الأجر الكبير في زمن قليل فمن اشتغل بذكر الله تعالى بهما نال ما نال من فضل الله ورحمته وكان لسانه رطبا بذكر الله ضمن ما ورد من أذكار أخرى بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجمع بها حسنات كثير تملأ صفحاته وطوبى لمن وجد يوم القيامة في صحائفه حسنات كثيرة ، كما أن تلك النعمة العظمى تحقق إنشراح الصدر ونقاء السريرة وصفاء الروح وهدوء النفس وراحة البال فما أعظم ذكر الله وما أجل شأنه وقد أشاد الله تعالى بالذاكرين والذاكرات ، ضمن إشادته بعباده الصالحين الفالحين في سورة الأحزاب : ( إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ والمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَالقَـانتِينَ وَالقَانتات والصادقين والصَّـاِدقَاتِ والصَّابِرِينَ والصابرات والخاشِعِينَ والخاشعات والمتصَدِّقِينَ والمُتَصَدِّقات والصّائِمِينَ والصائمات والحافظين فُرُوجَهُمْ والحافظات والذَّ‌اكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرًا والذاكرات أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الأحزاب ﴿٣٥﴾

كما أمر الله تعالى بذكره تعالى ذكرا كثيرا وتسبيحه بكرة وأصيلا :

( يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا ٱذْكُرُوا ٱللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ﴿٤٢﴾ هُوَ ٱلَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلاكَتُهُۥ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـات إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴿٤٣﴾ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُۥ سَلام وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرا كَرِيما ﴿٤٤) ) الأحزاب

كما وصف جل شأنه الذين يذكرونه سبحانه وتعالى قياما وقعودا وعلى جنوبهم بأنهم أولو الألباب أصحاب النهى الراجحة والعقول المشتغلة بآيات الله تعالى وما خلق في كونه من آلاء وما يحدث فيه من اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما ويمزجون ذلك بالدعاء والتبتل له فيمن الله عليهم باستجابة دعاءهم وهو ما جاء في سورة آل عمران :

(إنَّ فِى خَلْقِ السموات وَٱلْأَرْضِ واختلاف ٱلَّيْلِ لآيات لِّأُولِى ٱلْأَلْبَـابِ ﴿١٩٠﴾ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السموات وَٱلْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـذَا بَـطِلًا سُبْحَـانَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴿١٩١﴾ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُۥ وَمَا لِلظَّـالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴿١٩٢﴾ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِلْإِيمَـانِ أَنْ ءَامِنُوا بِرَبِّكُمْ فآمنا رَبَّنَا فاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّـئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلْأَبْرَارِ ﴿١٩٣﴾ رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَـامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ ﴿١٩٤﴾ فاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لا أُضِيعُ عَمَلَ عَـامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَـارِهِمْ وَأُوذُوا فِى سَبِيلِى وَقَـاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّـئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـارُ ثَوَابا مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ ﴿١٩٥)

فما أحرانا أن تكون ألسنتنا دائما رطبة بذكر الله عز وجل اقتداء بحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان يذكر الله عز وجل في كل أحايينه ، والحمد لله الذي أكرمنا بفضله وأنعم علينا بنعمة ذكره وبعث لنا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ليعلمنا الخير والرشاد فجزى الله تعالى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خير الجزاء ورزقنا صدق محبته وصدق اتباعه وأنالنا شفاعته العظمى يوم الدين وصحبته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق