الأربعاء، 19 أغسطس 2020

هجرة الحبيب

هجرة الحبيب
***
شعر
صبري الصبري
***
كَسَـانـي الـحـبُّ للمحـبـوب نـــورا
وأنـزلـنـي بحـضـرتـه الـقـصــورا

وقـرَّبــنــي بــروضــتــه مــلــيَّــا
فـفـارقـت الأحــبــةَ والـحـضــورا

لأحـظــى فـــي ضيـافـتـه بــرغــدٍ
وأصطـحـب السـعـادةَ والـســرورا

وأدخـلـنــي لـحـجـرتــه حـبـيـبــي
وأهــدانــي الـهـدايــا والـعـطــورا

دعـانــي دعـــوة التـكـريـم طــــه
فشـرفـنـي بـهــا أحــيــا فــخــورا

ولاقــــانــــي بـــتـــرحـــاب وود
تـجـلـى فـــي نـضـارتــه وثــيــرا

جـمـيــلا طـيـبــا عــذبــا بـهــيــا
سـنـيـا نـاعـمــا فـخـمــا وفــيــرا

صــــلاةُ الله يــــا طــــه عـلـيـكـم
وتسـلـيـمٌ بـهــا أدعـــو الـخـبـيـرا

أيـــا مـحـبـوب أمـتـنــا ســلامــي
لــكــم قـلـبــي يــرددهــا كـثـيــرا

أود الـهـجــرة الـفـيـحـاء قــصــدا
ومـنـهـاجــا ونـبــراســا مـنــيــرا

أوافـيـهــا .. تـوافـيـنـي بـبــســط
يوافـيـنـا ... ويعطـيـنـا الـحـبــورا

سـطـرت لأجلـهـا الأشـعـار تـبــرا
وبـحــرا وافـــرا فـــاق الـبـحـورا

يـضــم الـحــب للمـخـتـار ضــمــا
بـديـعـا رائـقــا يــزهــو نـضـيــرا

فبـعـد الـجـهـر بـالـقـرآن شـرعــا
جـلـيـلا طــاهــرا حــقــا وقــــورا

تـداعـى الـكـفـر والـفـجـار صـفــا
أثـيـمــا نـاعـقــا فــظــا عــقــورا

يـلاحــق ثـلــة الأخـيــار يـطـغــى
خبـيـثـا غـــادرا وغــــدا مـكـيــرا

وسـامـوا الـهـادي المخـتـار شــرا
كـذا الأصحـاب قـد لاقـوا الشـرورا

ومــازال الـعـذاب يـسـوم صـحـبـا
لـطـه واجـهـوا الـبـغـي الخـطـيـرا

وجــــاء الأمــــر للهادي بــتـــرك
لمـكـة فابـتـدا الـهــادي المـسـيـرا

لطـيـبـة يـرتـجـي فـيـهـا مـقـامــا
مكـيـنـا آمـنــا يـلـقــى الـنـصـيـرا

ويـعـلـن دولـــة الإســـلام فـيـهــا
ويحـمـي فــي مهابـتـهـا الـثـغـورا

أمـــام الـــدار بـالـعـدوان سَــلُّــوا
سيوفـهـمُ وقـــد مـــدوا الـنـحـورا

وقبضتهـم بـهـا الشيـطـان يمـشـي
مــــع الـفــجــار بـهـتـانــا وزورا

وخيـر الخلـق ذو الأنــوار يغـشـى
جموعـهـم وقـــد لاقـــوا الـثـبـورا

ووقَّـرهــم تـــرابَ الأرض رغـمــا
ليجـعـلـهـم لـنـومـهــم حـصــيــرا

ونـــام الـفَــذُّ فـارسـنــا (عــلــيٌ)
مـكـان الـنــور مـقـدامـا جـســورا

فحـيـوا فــي سـنـا الأنـــوار فـــذا
شجـاعـا حـيــدرا لـيـثـا هـصــورا

ويخطو المصطفـى المبـرورُ جهـرا
إلــى الصـديـق يـرتـقـب الأمـــورا

فهـلَّـل مـشـرق التـرحـاب : أهـــلا
وسـهــلا بـالـهـدى بـــث العـبـيـرا

وأســـرع بــــاذلا أهــــلا ومــــالا
فـكــم أهـــدى لـدعـوتـه الـدثــورا

و(أسـمـاء) الـتـي شـقَّــت نـطـاقـا
لتـحـمـل زادهـــا لـهـمـا طـهــورا

إلــى غـــارٍ بـثــورٍ فـــي هـــدوء
بهجـرتـه ثــوى الـهــادي قـريــرا

وصـديــق الـمـآثـر كـــان صـنــوا
لـطــه فــــي مـسـيـرتـه وزيــــرا

يـســد بـثـوبـه الأحـجــار وافــــى
شقوقا واكـبـت فيـهـا الصـخـورا

وبالـبـاب الحمـامـة فــوق بـيــض
بـعــش قـشــه يــأبــى الــمــرورا

وبيـت العنـكـب المشـتـاق أضـحـى
لأيـكـتـهـا وروضـتـهــا ســريـــرا

تكـاتـف والقـشـور لـهــا وعـــشٌ
رقـيــقٌ شـامــخٌ صَـــدَّ الـكَـفُــورا

وأصبـح فــي وصـيـد الـغـار ســدا
منيـعـا بـاهـرا .. حـصـنـا مـثـيـرا

يغـالـب فــي ذرا الإعـجـاز شـركـا
ويمـنـعـه إلــــى طــــه الـعـبــورا

وجـيـش الكـفـر مـحـتـارا يـلاقــي
بـبـاب الـغــار بالـخـسـران بـــورا

يـولِّـي خائـبـا بـالـخـزي يـمـضـي
كئـيـبـا محـطـبـا فــظــا حـسـيــرا

وطــه المجتـبـى بـالأمــن يـخـطـو
نـديــا واثــقــا يــدعــو الـقـديــرا

وصـدِّيــق الـهـدايـة كـــان يـرنــو
بـعــيــدا يـرتــجــي الله الـكـبـيــرا

يخـاف علـى الحبيـب عـيـون بـيـد
ويخشـى خصمـه الـوغـد المكـيـرا

يـصـون بحـبـه الـهــادي يـفــادي
(محـمـد) سـيـدَ الخـلـق الهـجـيـرا

و(أحـمــد) سـيــد الأكـــوان بـــدرٌ
مـنـيـرٌ نـــوره ضــــاء الــبــدورا

وبـالـوهـم البـهـيـم رأتـــه عـيــنٌ
يداعـب سُكْرُهـا الضافـي الخمـورا

يـروم (سـراقـةُ) الأمــوالَ يـهـوى
بـهـا الإثــراء مصطحـبـا غـــرورا

فيهوي في الثرى والصخـر يعـوي
كـذئـب قــد ثــوى يـبـكـي أسـيــرا

يـلاقــي قـبـضـة الأغـــلال قـهــرا
وذلا قــاحـــلا صـعــبــا مــريـــرا

يـكــاد الـمــوت يخـطـفـه بـحـتـفٍ
بــه يلـقـى مــع الـهـول الـقـبـورا

فـأنـقــذه الْـمُـشَـفَّــعُ .. إنَّ طـــــه
رءوفٌ .. فامدحوا الهادي النذيرا !

وأعـطـاه الأســـاور وعـــد حـــق
بـه (كسـرى) سيخسـرهـا كسـيـرا

تلقَّـاهـا (ابــنُ مـالـك) مــن أمـيـرٍ
فَحَـيُّـوا فـــارسَ الـعــدلِ الأمـيــرا

هـو الفـاروق مــن أضـحـى مـثـالا
لـعــدل ضـــم سـيـدنـا الـفـقـيـرا !

وبـالـبـيـداء خيـمـتُـهـا تـــــراءت
بوحدتـهـا وقـــد ظـلــت شـهــورا

تغـالـب وَحْـــرَ صَـحْــرَاءٍ تـنـامـى
بـهـا الإجــداب يخـتـرق الجـحـورا

ويـطـغـى جـــم طـغـيـان يـعـانــي
بــه الأحـيـاءُ عيـشـهـم العـسـيـرا

بـكـرب العـيـش (عاتـكـةٌ) تـلاقــي
حـبـيــب الله يـحـبـوهـا الـغــديــرا

بـشـاة الـوهـن قـــد درت شـرابــا
مـريـعـا طـيـبـا غــدقــا شـهـيــرا

وصـاغـت وصفـهـا وصـفـا بليـغـا
لطه المصطفـى ... صعبـا يسيـرا !

فـمــا أبـهــاكِ بالـتـاريـخ يـــروي
ل(عاتـكـة) الـتـي حــازت ظـهـورا

وبـالأحـبــاب شـوقــهــمُ تـجــلَّــى
إلــى المخـتـار يـدعـون الشـكـورا
وقـد تـركـوا المديـنـةَ فــي حنـيـنٍ
لــطــه يـحــتــوي نــاســـا ودورا

ولـمــا هــلَّــت الأنــــوار طــلَّــت
ب(أحمـد) يلتـقـي الجـمـع الغفـيـرا

لــه بالـحـب قـــد حـمـلـوا قـلـوبـا
تـرافــق فـــي أكـفـهـم الــزهــورا

وبـثــوا حـبـهـم جـمـعــا نـشـيــدا
جـمـيـلا خــالــدا عــذبــا نـمـيــرا

فـأغـدق لـلـورى صـدحــا بـمــدحٍ
لـطـه والـتـقـوا الـنــور البـشـيـرا

بهـجـرتـه الـتــي كــانــت لـديـنــا
ستـبـقـى بيـنـنـا غـيـثــا مـطـيــرا

ونبـراسـا جـلـيـل الـنــور يـزهــو
ويمـحـو ليـلـنـا الـغـافـي النـكـيـرا

فـلــن نـنـسـى تفـاصـيـلا حـسـانـا
ولـن ننـسـى مــن الـذكـرى نقـيـرا

سطـرت لأجلـهـا الأشـعـار رامــت
ضيـاء المصطفـى وافـى الشـعـورا

فـهـجـرة (أحـمــد) فـيـنـا تـلالــت
أنـــارت أمـــة تـرجــو الـنـشـورا

وتــأمــل قــائــدا فــــذا حـكـيـمــا
بسـنـة (أحـمـد) يـسـمـو مـشـيـرا

لنـنـهـض نـهـضـة فـيـهـا عـــلاءٌ
ونـدحـر خصمـنـا العـاتـي دحــورا

ونصـفـو بـالـهـدى نـرقــي رقـيــا
لنلقـى فــي عــلا العلـيـا الأجــورا

وننجـو مـن ردى الـخـذلان جمـعـا
نجانـب فـي لظـى الأخـرى سعـيـرا

ونغشـى فـي سنـا الفـردوس عــزا
ومـجـدا نـرتــدي فـيــه الـحـريـرا

ونسكـن خيمـة الروضـات ضـمـت
بحسـن فراشهـا المرغـوب حــورا

ستبقـى هـجـرة المحـبـوب حصـنـا
وصـوتـا صـادحـا فـيـنـا جـهــورا

أفـيـضـي أمـــة الإســـلام عـلـمــا
ولـبــا نـابــه الـفـحــوى ذَكُــــورا

وداوِ بـالـتــقــى الأدواء فــيــهـــا
نعـالـج بالـهـدى فـيـنـا الـقـصـورا

وأبـلــغ ربـنــا فــضــلا صــلاتــي
إمــامــا شـافـعــا بــــدرا مـنـيــرا

بـشـيــرا طـيـبــا هــــادٍ رءوفــــا
رحيـمـا طـاهـرا .. دومــا مَــزُورا

وآلَ الـبـيـت يصحـبـهـا ســلامــي
تـبـث بمهجـتـي أُنْـسَـاً ونـــورا !!

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق