الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

أهواكِ حقا

أهواكِ حقا
***
شعر

صبري الصبري
***
يا مصر هَمِّي والهموم كثيرة
ما دبَّ فيك من الهوى المتبوعِ

فالكل أصبح شاهرا سيف البلا
والهول بالتمزيق والتقطيعِ

متسربلا بالمعضلات قد امتطى
ظهر الغرور بثورة المخدوعِ

بجمود فكر تائه بمتاهة
بسلوك نهب للأمان فظيعِ

همي وهمك واحد ذات السنا
فأنا وأنت بخافق مطبوعِ

بمودة الصدق المكوّن بالحشا
منذ انبلاج جوارح لرضيعِ

أحببت فيك الأمن شاع مشعشعا
برسوخ عيش ماتع لجميعِ

فبه حياة الآمنين تمتعوا
فيها بدهر كله كربيعِ

فيه الورود بروضها رقراقة
فيها الطيور بشدوها المسموعِ

جوٌّ تألق بالمحاسن يرتدي
أبهى الفصول بدوحة بطلوعِ

رقت بها الأرجاءُ تعزف عزفها
بشجون لحن بالجمال بديعِ

ببلابل الإقبال تلقى ضيفها
بتألق وتشوق لربوعِ

تاقت إلى الأحباب رامت أرضها
بوشائج بتلهف لرجوعِ

فالعشق ديدنهم يعطر قلبهم
بعطور مصر تألقت بسطوعِ

إني أراها بالعيون جميلة
بأحبة في عشقها بولوعِ

وأكاد أبصر بالصدور مكانها
في مقعد متميز مرفوعِ

وإذا سمعت الشعر عنها منهمُ
أصغي لشعر بالقريض رفيعِ

ماذا جرى كي تلبسوها أسودا
من ثوب حزن بالجوى مقطوعِ ؟!

بتشرد الأرجاء تحيا كلما
صفت الأمور تعكرت بقطيعِ

من مجحفات أمعنت بطعونها
بقرونها بتهتك التقطيعِ

يا ويح كل مفرط مستمتعٍ
بأنينها بتعمد التمزيعِ

والإنحطاط بفكره لوقاحة
مما يذاع بصيحة لمذيعِ

دأب الجموع مخافها وضياعها
في دربها بمهالك التضييعِ

وولوغها عمق الردى في بؤسها
بالريب والآلام والترويعِ

ومظاهرات تكتل وتحزب
وتقوقع في محتوى التجميعِ

لحجارة الأشباه تضرب خصمها
بالصخر .. بالنيران والتصريعِ

والفتك بالأنداد فتكا حاقدا
للقتل عمدا في صراع جموعِ

هل مصر صارت غابة بوحوشها
طغيان شعب بالهلاك صريعِ ؟!

هل أمنها ولي وبات موزعا
بالخوف فيها أبشع التوزيعِ ؟!

هل روضها عانى اكتئابا فرّعت
فيه المآسي أسوء التفريعِ

كنا ابتسام العالمين وضحكة
للناس ترقب بهجة التمتيعِ

وبشاشة الأوقات تقضى عندنا
في مصر لاقت ضيفها بصنيعِ

بالبر والمعروف طبعا صادقا
لا بافتعال زائف مصنوعِ

من جاء عاد وكان منا واحدا
يحيا لدينا في أمان قلوعِ

فالدار دار للجميع برحبها
شوق بحب للأنامِ وسيعِ

يحظى بها الإنسان حين مقامه
فيها بحصن للسرور منيعِ

يشتاقها الأحباب دوما روحهم
تهفو لمصر بأجمل التوقيعِ

فهي الفتية في حماها موئل
للأكرمين بمطعم ونقيعِ

هي أزهر الأحياء أوسط سعيهم
بسماحة التيسير في التشريعِ

هي درة فيحاء شع ضياؤها
بمنار حسن بالفضاء سريعِ

ماذا جرى للناس فيها ليتهم
كانوا لربي في أتم خضوعٍ ؟!

لا يلجئون لغيره في أزمة
بعبادة لمليكهم وخشوعِ

لا يجعلون من التدين فتنة
فيها الخلائق في أثيم وقوعِ

وبطول ألسنة يماري بعضهم
بعضا بكأس من شراب ضريعِ

وببث تكفير البرايا حينما
يأبى المحاور لهجة التقريعِ

صار الرداء مهلهلا في مصرنا
يرجو الحياكة في ضحى الترقيعِ

زادت همومك يا حبيبة خافقي
يا من أقمت بمهجتي وضلوعي

همي وهمك واحد فيه العنا
للقلب يسكب نبضه بدموعي

أهواك حقا والشهود قصائدي
فبها سطرت خلاصة الموضوعِ

أنتِ وأنتِ ثم أنتِ ولم أزل
للأم أحيا في سلوك مطيعِ

يشدو بحبك كل ساعات البقا
بفؤاد عشق بالهيام وجيعِ

مهموم نفس صُدعت بغمومها
بنياط قلب بالشجون صديعِ

رحماك ربي أنت حسبي سيدي
وسع عليها أحسن التوسيع

صلى الإله على النبي وآله
ما حن قلب عاشق لشفيعِ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق