السبت، 30 أبريل 2016

(حَلَبٌ) تُعَانِي


(حَلَبٌ) تُعَانِي
***
شعر 
صبري الصبري
***
(حَلَبٌ) تعاني هجمةَ الأعداءِ
باتت كنهر ذاخر بدماءِ

ما بين تدمير لدور أصبحت
أنقاض هدم شامل لبناءِ

وتخوم تمزيق لأجساد بدت
بين الليالي السود كالأشلاءِ

وكلاب نهش في جلود كواسرٍ
مسعورة مجنونة رعناءِ

وسكوت ناس أمعنت في لهوها
في بكمها باللهجة الخرساءِ

وتآمر القوم اللئام بمنهج
إبليسُ فيه مُخَطِّطُ الأشياءِ

وتكاتف الأنذال وفق تآلف
وتعاطف للعصبة الهوجاءِ

وتضارب الأهداف في أرض ثوت
بأنينها في قصعة الغرباءِ

يتكالبون على فتات بقية
من جسمها بضراوة الأهواءِ

والكل منغمس بقاع حياضها
يرجو الولوج بما به داءِ 

لا يرحم الأعراضَ ذئبٌ لاهثٌ
يهوي به بنخاعها لخواءِ

يتفاخر الأنجاسُ أنَّ مسارهم
قد مر عبر طهارة الحسناءِ

وبأن أرجاء البلاد بـ(شامنا)
أضحت لهم في قبضة استعلاءِ

وبأن تدمير المنازل والورى
شأن احتلال الأرض دون عناءِ

وبأن ساحات القتال تفصَّدت
عما تروم جحافل الجهلاءِ 

شطت بنا الأدواء حتى أمعنت
فينا المواجع جلها بشقاءِ

وتتابعت فينا الخطوب وأفرزت
أمراضها بشراسة الأدواءِ

(حَلَبٌ) تئن أنينها بتوجُّع
في نكبة التقتيل والإجلاءِ

حتى المشافي دمروها جهرة 
ومريضها بتمزق الأعضاءِ

أمُّوا بها بين الجراح أَسِرَّةً
فإذاهمُ قتلى بلا استثناءِ

والعالمُ المشغولُ بالرقص انثنى
جذعٌ له في ليلة حمراءِ

ومشاهد التقتيل أضحت كالتي
حلت بأفلام الهوى المتراءي

منذا يبرر كل ذلك للملا
في وصفه لمشاهد البلواءِ ؟!

ماذا يقول عن الطفولة مُرَّغَت
بتراب قصف ملاجئ الضعفاءِ ؟!

منذا سيجرؤ أن يقول حقيقة
عن مجرمين بحلة الرؤساءِ !

صنعوا صنائع سوئهم بدهائهم
يا للشعوب إذا قضت بدهاءِ !

(حلب) تموت ولا عزاء لمن رأى
تلك النوائب بانشغال الرائي

أو بات مهموما بشيء غامض
في فكره المتحجر المستاءِ

أو ظل يأمل أن تكون بلاده
في مثل ما للغير من إعماءِ

أو كان يرجو أن يحل بأمننا
فوضى الخراب بلوثة الدهماءِ

(حلب) تنادي بانهمار دمائها
فالدمع جف بأعين نجلاءِ

وبدا الوجوم على الجماجم أينما
ولَّيْت وجهك في دجى الظلماءِ

أو صار أقصى ما نريد قصائدا
من شدو حزن مجامع الشعراءِ 

لتكون بالعجز الشديد سرادقا
فيه اجتمعنا في أليم عزاءِ

أو منتدى أشجان أمتنا بها
شب النحيب بغاية لرثاءِ

(حلب) تئن كمثل سوريا كلها
هل تسمعون أنينها ببكاءِ ؟!

مُدوا لها عون الإخاء فإنها
أمست فريسة أشرس الأعداءِ

وإذا عجزتم عن إخاء غياثها
فلترفعوا كف الرجا بدعاءِ

فالله ربي المستعان بلطفه
غوث العباد بحكمة وقضاءِ

صلى الإله على النبي وآله
بصلاة حمد طيلة الآناءِ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق