الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

الحياء :: شعر صبري الصبري

الحياء
***
شعر
صبري الصبري
***

إذا ضاع الحياء فلا نماءُ
بمهجتنا ولا ظلٌ وماءُ
ولا طلعٌ ببستان الخلايا
ولا روضٌ به يحلو الهناءُ
ولا خيرٌ ولا رشدٌ وضوءٌ
أبالظلماء يُلْتَمَسُ الضياءُ ؟!
أبالأهواء تنتظم السجايا
وتغشاها السلامةُ والنقاءُ ؟!
فبالشهوات تمتشق النوايا
سفاهتها ويرديها البلاءُ
فلا زجرٌ ولا أمرٌ ونهيٌ
ولا طهرٌ به يزهو الرداءُ
ولا قلبٌ سليم النبض تجري
بساحته بنضرتها الدماءُ
ولا دينٌ هدايته نجاةٌ
وبرءٌ في وضاءته الشفاءُ
فما للبعض بالأهواء يحيا
حياة في مراتعها الشقاءُ
يرى بالعري لذَّات توالى
بها الإسفافُ يزجيه البغاءُ
ويستبق الخطايا في ولوغ
بعمق الإثم أرداه العماءُ
وأهداه الْمَرِيدُ الفظ نهجا
فظيعا في ثناياه العناءُ
هو الشيطان ينتزع الحنايا
فتُختطف الجوارحُ والكساءُ
وتبدو في فضائحها البرايا
بها السوءات سوَّدها اشتهاءُ
تتابع من شرار الناس جهرا
به زلُّوا .. به راحوا وجاءوا
وماجوا في وضاعتهم تناجوا
وهزهمُ بعهرهم انتشاءُ
وسادهمُ السقام المر يسري
بأجساد بها سقمٌ وداءُ
وأفكارٌ تخفَّت في فجور
فعافاها التَّستُّر والخفاءُ
فلا صلَّت ولا زكَّت وأعلت
بها الإيمان يعليه العلاءُ
ولا أعطت صلاة الفجر حظا
ولا ظهرا يوافيه الوفاءُ
ولا عصرا فديدنها مروقٌ
بمغربها كذا مرت عِشَاءُ
فهذا القلب في نار التلاهي
له فيها بنقمتها احتساءُ
يظن العري ترياقا مريعا
به للروح بالإفك إحتماءُ
ويا أسفاه قد أضحى التعري
بلاءً فيه تنتهبُ النساءُ
وتهوي في مهالكها ببغي
تلاشى من جوارحها الصفاءُ
وقد صابت مصائبهم بلادا
لنا فيها من الخير ارتواءُ
بهذا العصر قد حلت رزايا
ببعض الناس سادهم الخواءُ
فغاصوا في سفاهات جسام
وغرهم التعري والعراءُ
فصاروا ضمن أشرار لئام
بهم في ذل عيشهم ابتلاءُ
وظنوا وهم علياء التعري
بها يهوي بشقوتها الغباءُ
خسئتم بئس ما قلتم .. فعلتم
فعال النكر زينها انكفاءُ
وكنتم بُهْمَ أهواء بقلب
يقلبه مع الريح الهواءُ
فما لكمُ بدينكمُ اتباعٌ
وما لكمُ بشرعته انتماءُ
وما لكمُ اعتقادٌ فيه نورٌ
به لكمُ لمنهجه الولاءُ
كما الأنعام عيشتكم فخبتم
وخاب القصد وانكسر الإناءُ
أفيقوا إن مرتعكم وخيم
له بالسعر في النار انتهاءُ
وطوق الفوز توبتكم بصدق
بها يغشى جوارحكم بهاءُ
فحفظ الفرج من عهر وفسق
بستر الطهر للنفس اهتداءُ
فمن ترك الحياء بكل فَجٍ
له بالإثم والشر اجتراءُ
ومن رام النجاة إليه يأوي
هو الإنقاذُ للمرء الحياءُ !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق