الجمعة، 7 أكتوبر 2011

بوح الشجون :: وقفة على قبر المعتمد بن عباد :: شعر :: صبري الصبري

المعتمد بن عباد ملك أشبيلية في عصر ملوك الطوائف من بني عباد، ولد في باجة (إقليم في البرتغال حاليا) وتوفي في أغمات 431 هـ - 488 هـ / 1040 - 1095م, اسمه محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل اللخمي أبو القاسم المعتمد على الله. كان شابا، فارسا، شاعرا مجيدا، يحب الأدب؛ فاجتمع في بلاطه نجوم ساطعة من أرباب ونوابغ القصيد من أمثال أبي بكر بن عمار، وابن زيدون، وابن اللبانة، وابن حمديس الصقلي، وكما كان المعتمد شاعرا مجيدا، كانت زوجته اعتماد الرميكية شاعرة كذلك وكان له ثلاث جواري وداد وسحر وقمر ، وكانت إشبيلية حاضرة دولته آية في الروعة.
***




بوح الشجون
(وقفة على قبر المعتمد ابن عباد)
***
شعر
صبري الصبري
***


سُـقِـيـتَ قـطــرَ الـسـمـا يـــا قـبــرَ أمـجــادِ
ونــلــت كــــل الـمـنــى فــــي بــــرزخ نـــــادِ
وحــزت مـتـن الـعـلا فـــي قـمــة شـهــدت
جـمـالَ جــو الفـضـا فــي صــدق أشـهـادِ
فـأنــت فـــي فـكـرنــا تـحـيــا ومــــا فـتـئــت
ذكـــــراك فـــــي قـلـبــنــا تــســمــو بـــإرفـــادِ
وأنـت فـي وعينـا .. فـي روحنـا نطـقـت
أشــجـــان آلامــنـــا فــــــي لـــيـــل سُـــهَّـــادِ
وأنـت فـي فرحنـا .. فـي حزننـا سبحـت
أطــيـــافُ بـلـبـالـنــا فــــــي يــــــم أضــــــدادِ
تعـيـش فــي شعـرنـا فــي نـثـرنـا نـطـقـت
حــــروفُ إبـداعــنــا إبــداعـــك الــحـــادي
وأنـــت فـــي سـردنــا تُـحْـكَــى بــــلا مــلــلٍ
تـــــرويــــــك أشـــواقــــنــــا دومـــــــــــا لأولادِ
تــهــديـــك أحــلامــنـــا إشـــــــراق بـــارقــــة
شـعــت لـنــا بالـمـنـى فـــي ركــــب أحــفــادِ
تـســقــيــك أورادنـــــــا يــنــبـــوع ســاقـــيـــة
فــــي مـائـهــا مـنـبــعٌ لــلأجـــدب الــصـــادِ
مـازلــت بالمـرتـقـى فــــي ذروة سـطـعــت
بـالأفــق بـيــن الـــورى فـــي نـــور وقَّـــادِ
أســـدى صـــروح الإبـــا آثــــار نـهـضـتـه
فـــــي فــخـــر تـاريـخـنــا أجـــيـــالَ عُـــبَّـــادِ
بـالأُسْـد بـيـن الـربــى يـهــوي بـــلا كـلــلٍ
بـالـسـيــف بــــــزَّ الـــعـــدا بــــــزا بــإهــمــادِ
فجيـش خصـم الضيـا يجثـو علـى طـلـلٍ
فـــي ذل كـبــت بــــدا لـلأحـمــق الــعــادي
(أدفونـش) لاقــى اللـظـى أعييْـتـه رهـقـا
فــارتــج بــيــن الــثــرى يــهــوي بـإجـهــادِ
بالسيـف نـال الجـوى فــي ويــل ماحـقـة
أردتـــه قـزمــا ثـــوى فـــي كــهــف أنــــدادِ
بالشـعـر كـنـت الـفـتـى تـشــدو لـنــا دررا
بـالـحـســن ضـمـخـتـهـا عــطـــرا بـإنــشــادِ
بالحـب نلـت المنـى يـا مــن لــه طـربـت
فـــي سـحــر أهـدابـهـا (سِـحْــرٌ) بــإمــدادِ
و(وداد) تشتاقـهـا فــي سـتـرهـا بَـهِـجَـتْ
فـي طـي إسعـادهـا فــي فــرش مــزدادِ !
والــبــدر إشــراقــه وجـــــهٌ كــمـــا (قَــمَـــرٍ)
بالـود تهـفـو لــه … للـفـارس الـشـادي
قـد عشـت عيشـا سمـا ضمـتـه أنـدلـسٌ
فـردوسـنــا يــزهــو فـــــي ثـــــوب إســعـــادِ
والأهـــل أهـــل الــوفــا فـيـهــم (رمـيـكـيـةٌ)
آفـــــاق أمــجــادهــم بــالأغــيــد الـــغـــادي
يـــا حـزنـهـا سـكـبـت (أم الـربـيــع) هــنــا
دمــعــا لــهــا غــدقــا فــــي نــــزف أكــبـــادِ
والــعــيـــش أوقـــاتــــه أزمــــانــــه قــلـــبـــت
أحـــــوال أيـامــكــم فـــــي زحـــــف أعـــــدادِ
ثـابـوا إلــى قـصـركـم هـدمــا لـــه نـبـشـت
أرمـــــــاحُ تـغـيـيــرهــم تــــاريــــخَ أجــــــــدادِ
والـنـاس إدهاشـهـم مـمـا جــرى جـزعــت
أنــيـــاط وجـدانــهــم بـالـسـهــل والـــــوادِي
إلاَّك أنـــت الـــذي تـنـسـاب فـــي شــمــم
تـــزود عـــن حصـنـكـم أطــيــافَ إفــســادِ
بــالأســـر أغـــلالـــه أصـــفـــاده طــبــقــت
بـالــحــزن أعـطـافـكــم تـــرنـــو لأصـــفـــادِ
(أغمـات) بيـن الـربـى تحويـكـمُ حكـمـت
تـشـديــد إحـكـامـهــا فـــــي قــفـــل شـــــدَّادِ
بــالـــذل أحـكـامـهــا كــانـــت ب(مـعـتـمــد)
تـــنـــثـــال آلامــــــــــه جـــــهـــــرا بــــــــــأورادِ
والـبـنـت غــــزل لــهــا لـلـصــوف تـغـزلــه
لـلـقــوت يــأتـــي هــنـــا بـالــقــدر بـالــكــادِ
والـصـبـر طـــوق لـــه فـــي ظــــل نـكـبـتـه
بــالأســـر جـــــرح بـــــه حـــــزنٌ بـأعــيــادِ
يشـكـو خـطـوب الضـنـا جـاءتــه رامـحــة
بالضـعـف رام الـرضـا فــي بـسـط جـــوَّادِ
بالـدمـع يـرثـى الـتــي كـانــت لـهــا هـمــم
بـــصــــدق إشـفــاقــهــا تــحــنـــو بــــآمــــادِ
فـــي نـبــع إغـداقـهـا إشـراقـهــا سـطـعــت
فــــي جــــو آفــاقــه فــــي أحــســن الـــــزادِ
عانـت صعـاب الـردى تشـكـو بوحدتـهـا
مـــا كـــان فـــي أسـرهــا أحــجــارَ أطــــوادِ
يـــا ويـــح أعـدائـهـا سُّـــروا لـمــا لـقـيــت
فــي قـهـر إذلالـهـا .. يــا ويـــح حُـسَّــادِ
حين (اعتماد) الجوى أضناك مشهدها
بالضـنـك دفــن لـهـا فـــي ضـحــل أبـعــادِ
(أغـمـات) أرجـاؤهـا ضمـتـك فــي جــدثٍ
سَطَرَتْـهُ  في المرتـقـى صفـحـات أمـجـادِ
والـشـعـر فـيــك انـبــرى فـــي كـــل نـازلــة
يـهــدي إلـيــك الـوفــا فـــي صـفــو إيـــرادِ
ذكـــراك حـــزن الـمــلا آلامـهــم سـبـحــت
فــــي يـــــم أشـجـانـهــا يـــــا فــيـــض زوَّادِ
تـبــكــيــك أشــعــارنـــا تـحــكــيــك قــافـــيـــة
تــرويــك أحـلامـنــا فــــي مــربــع هـــــادي
فــــي زهــــو إشـراقــهــا أبـيـاتـنــا نـطــقــت
لــلـــفـــذ أشــواقـــنـــا لــيـــســـت بــإغـــمـــادِ
فـالـبـوح منهـاجـنـا يـهـديـك مــــا طــربــت
أسـمـاعــنــا لــهــفـــا لــلــشـــدو بــالــضـــادِ
بـالـشــدو أشـعـارنــا تـهـمــي لــنــا وجــعــا
ضـمـتــه أجـسـامـنـا فــــي حـزنـنــا الــبـــادِ
يـا مـن بـه لمـعـت فــي الـغـرب أحلامـنـا
بــالأفــق بــثــت لــهــم تـشــريــع إرشـــــادِ
نـهـديــك أوجـاعـنــا شــــدوا بـــــه بـكــيــت
آلامـــكــــم لـــزمــــت أعــــطــــافَ مــــرتــــادِ
يــــا زائــــرا جــدثـــا (أغــمـــات) تـحـفـظــه
حــفــظــا بــــــه يـــأبـــى تـعــتــيــم إخـــمــــادِ
يـــــا نــاظـــرا طــلـــلا يــومـــا ل(مـعـتــمــدٍ)
فــي مـغـرب يُشـتـهـى فـــي وقـــت إبـــرادِ
أو وقـــــت قـائــظــة بـالـصـيــف لـفـحــتــه
بـالـحــر تجـعـلـنـا فــــي سُــعـــره الــعـــادي
أو حـيــن إقـبـالـه فـصــل الـخـريـف بــــه
أوراق دوحـــاتـــنــــا نـــــــــــدَّت بـــــأعــــــوادِ
أو حــيــن إشــراقــه روض الـربـيــع لــــه
فــــــي دهـــرنـــا حـــســـن يـــزهـــو لـــعُـــوَّادِ
أرجــــــــوك إبــــلاغــــه عــــنــــا مـحــبــتــنــا
يا مـن رأى جدثـا ضَـمَّ ابـن (عبَّـادِ) !!



أضف الى مفضلتك