تونس

تونس
***
شعر
صبري الصبري
***

شخصت بتونس الخضراء غيما فقلت سيلتقي بـالأرض يومـا

سيهطـل مـاؤه عذبـا نديـا يداعب ودقـه المبـرور قومـا

كراما صبرهم أضحـى مثـالا يعوم بمسبح التاريـخ عومـا

ويسبح تارة بالبـوح صحـوا ويغـرق تـارة بالسـر نومـا

وعسعس ليلهم والبـدر ولَّـى تضم بلادهـم ظلمـا وضيمـا

وباتوا كلهـم يشكـون قهـرا وذلا ما رأوا بالشهـر صومـا

وأفتى (شيخهم) بالفطر جهـرا وكـوَّم هيئـة الإفتـاء كومـا

ولاحق نسوة بحجـاب طهـر وسام من التحى بالبغي سومـا

وحـارب دعــوة لله ربــي يعذب أهلهـا سجنـا ودهمـا

ومزق شملهـم طـردا ونفيـا وصيّر وجههم بالقـار فحمـا

وعظَّم زمـرة الأهـواء حَلُّـوا بتونس لا ترى في الإثم لومـا

يشيـد للهوى صرحـا كبيـرا مثيرا زاهيا للرقـص ضخمـا

وتاهت خطوة للنـاس حامـت ببؤس حياتها بالضنـك حومـا

تواجـه حاكمـا فظـا غـرورا يقسـم ثـروة للشعـب قسمـا

لأهلٍ أحكمـوا الإفسـاد طوقـا وشعبٍ لا يرى قمحا ولحمـا !

أتونس آهتـي كانـت بقلبـي ترافق مهجتي بالأفـق غيمـا

تخلل روضة الحسنـاء يسقـي جذور حنينها شوقـا وعزمـا

وفجـرا مشرقـا ينمـو سنيَّـا بهيَّـا نيِّـرا بالحسـن حسمـا

يبـدد ظلمـة الأجـواء يجلـو غياهب حلكة الأهـواء رغمـا

وأثمر روضهـم وردا وزهـرا وزيتـا طيبـا للقـوم طعمـا

وأشرق نورهم صبحـا جميـلا يداهم في حمى البهتان وهمـا

وهبت ثـورةٌ للشعـب أخلـى مواقع من عتا بالأرض ظلمـا

وفـر فـراره المذعـور ليـلا (زعيمٌ) هَـدَّم البنيـان هدمـا

يدوس كرامـة الإنسـان بغيـا ويزعم قـوة الطغيـان زعمـا

وماجت موجة التحرير تمحـو سوادا كالحـا بالليـل أعمـى

تخيَّـل أنـه للخلـق نهـجـا قويما دائمـا أعلـى وأسمـى

وخاب من ارتجى بالظلم عيشا وضل من ارتضى إبليس عَمَّا !

يقـود ركابـه للشـر يهـوي بوحلٍ يلتقـي بالخسـر إثمـا

وساء من انتشى كبرا وغـدرا يؤسس في دجى الأهواء سقما

يعـادي شـرعـة لله يحـيـا مقيتا وارتأى القـرآن خصمـا

أفيقـوا إننـا قـولا وفـعـلا نود شريعـة الرحمـن حكمـا

نروم مكارم الأخـلاق وصفـا سديدا للـورى إسمـا ورسمـا

بتونس قد بدا التاريـخ فصـلا جديـدا خطـه للفخـر إسمـا

فشعـب صابـر حـر أبــيٌّ بتونس يلتقي الأمجـاد فخمـا

يواصل نهضة الفرسان تمضي تحقـق بالإبـا والعـزٍّ حلمـا

فحرك مهجـة الأقـلام تجـري بصفحة شدوها شعـرا ونظمـا

ونثـرا صادحـا حلـوا بهيـا يسوم منابـت الإبـداع وسمـا

فنعـمَ قيامكـم بالحـق جمعـا ونعم صمودكم في البأس نعما !

فهيـا أعلنـوا للشـر حربـا وهيـا أعلنـوا للخيـر سلمـا

وهيا طـوروا الأرجـاء طـرا بفكـر يرتقـي للعصـر علمـا

فتونس كلها بالحسـن تزهـو رقائق روضهـا كيفـا وَكَمَّـا

نبـارك ثـورة فيهـا وندعـو ليحفظ شعبها الرحمنُ دوما !!