لغة الجمال

لغة الجمال
****
شعر

صبري الصبري
****

أُمٌّ تعاتب كافةَ الأبناء بفصاحة الأدباء والبلغاءِ

قالت لهم إني نثرت نفائساً كالدر تزهو في حروف هجاءِ

ألفٌ وباءٌ ثم تاءٌ هكذا حتى بلغتم ختمها بالياءِ

ونطقتموها بالفصاحة دهركم ماذا دهاكم بعدُ يا أبنائي ؟!

كنتم عباقرة البلاغة تزدهي بكم الفصاحة في طهور رداءِ

كنتم لساناً ناطقاً بعروبة وعذوبة بلباقة الخطباءِ

بقلادة فيها الجمان منسقاً في عقد إبريز من العلياءِ

فتقهقر القول الفصيح منكساً يهوي بهاوية الهوى الرعناءِ

وتبدل الحرف الأصيل بزائفٍ من لهجة ممجوجة عوراءِ

لغة الخطاب تسربلت بمكائدٍ ومصائدٍ شتى من الأعداءِ

وتبختر القومُ اللئامُ بطمسهم لغة الكتاب بألسن الدهماءِ

أنا لا أزال بقوتي مهما عدا عادي الأعادي في الدجى بخفاءِ

لكنكم أنتم جميعاً أمتي في ضعفكم يا معشر الضعفاءِ

قوموا إليَّ موحدين بعزة ونجابة في همة وإباءِ

أنا لا أزال أحبكم بمحبتي قلبي يفيض مودتي وضيائي

أنا لن أشيب الدهر مهما عشته فشباب عمري في كتاب سماءِ

أنا أحرف القرآن تحميني كما شاءت إرادة ربنا بقضاءِ

إن تتركوني لن أعيش بوحدتي مهما ابتعدتم في دروب جفاءِ

أنا زينةُ الأشعار دُرُّ بحورها ومُعينة الأدباء والشعراءِ

لولاي ما خَطَّ الأنام خطوطهم في لوحة عربية الأنباءِ

لولاي ما سطر الأنام سطورهم بسجلهم بوضاءة الأسماءِ

أنا ذخركم يا عُرْبُ هيا أصلحوا شأني جميعا دونما إبطاءِ

أنا أمكم عانت عقوق ولادها أنا عرضكم عانيت من أخطاءِ

كفوا عن الضجر المقيت إذا دنت منكم حروفي يا أولي النعماءِ

لا تجعلوني مسخة بخطابكم وتكسرون قواعد الإملاءِ

وضعوا الضوابط بالحروف وشَدَّةً أو ضَمَّةً أو كَسْرَةً بجلاءِ

فأنا الحبيبة بالقلوب على المدى لغة بضاد العز واللألاءِ

يا ويح من ترك الفصاحة زاهداً فيها بلهجات له سوداءِ

فيها يلاقي خسفه ودماره بتخلف وتمزق وغباءِ

ويعيش في فوضى الجهالة شاهراً عجز التقزم في حمى الجهلاءِ

وأمامه أمُّ الجمال بروضها لاحت له بحروفها الحسناءِ

فَصِلِوا الأمومة بالصلات فإنني بالبر أهديكم سنا آلائي

فعرائس الأقوال محض قواعدي فيها جمال الجنة الخضراءِ

صلى الإله على النبي وآله طه (محمد) سيد الفصحاءِ !!