الأحد، 13 يناير 2013

مأساة

مأساة
***
شعر
صبري الصبري
***
بالليل مات ولـم يكـن بجـواره
فـي موتـه أهـلٌ ولا أبـنـاءُ
فهـو الـذي بحياتـه أهـواؤه
غلته بئـس وبئسـت الأهـواءُ
لم يعرف القدر الجليـل لزوجـة
ولعشـرة فـي ظلهـا أفـيـاءُ
قد أدمن (الأستـاذُ) إدمانـا بـه
هـولٌ فظيـع مهلـك وبــلاءُ
وتبـدد المـال المؤمّـن قوتـه
فغزته فـي فقـر عتـى الأدواءُ
ولـه صغـار لا يـؤدي حقهـم
بطفولـة يفشـو بهـا الإيـذاءُ
لا صوت يعلو فوق صوت مزاجه
حلَّ (الحشيش) فجلجلت ضوضاءُ
حتـى تهـاوت أسـرة بأنينهـا
كانـت لديـه بهـا ألـمَّ الـداءُ
وتفرَّق الأحيـاء بيـن دروبهـا
فـي هـذه الدنيـا ولاح شقـاءُ
يحيا وحيدا في مواجـع حسـرة
يحويه بالصمت الرهيـب بنـاءُ
والأهل والأبنـاء فـي إتقانهـم
للصبر في عيـش لهـم نجبـاءُ
هجروه هجر العارفيـن لقدرهـم
فهم الضحايا بالأسـى العقـلاءُ
بالعلم كـان الإشتغـال نجاحهـم
ترياق بـرء للجـوى وشفـاءُ
والأم أم الخيـر كانـت قلـعـة
للعـزم فيهـا همـة وعــلاءُ
ضخت عظيم الجهد في أبنائهـا
كالغرس فيهـم نضـرة ونمـاءُ
حتـى تحقـق حلمهـا بتكامـل
لجميـل تربيـة بهـا الإعـلاءُ
عاشوا ببستـان الحيـاة بألفـة
فـي روضـة بمروجهـا الآلاءُ
وهو المعاقـر للبلايـا أطبقـت
جهرا عليـه بسوئهـا الظلمـاءُ
عانى من الأسقام يشكو وحـده
سقمـا بـه للظالميـن الــداءُ
حتى تلاشى بين أطبـاق العنـا
وبـه تخلـل جسمـه الإغمـاءُ
من كان يحفظ بالصلاح شبابـه
فلـه مشيـب هانـئ وضَّــاءُ
ومـن استقـام مبكـرا بحياتـه
فحياتـه فـي الباقيـات نمـاءٌ
ومن استقر مـع المخـدر داره
مهما تلذذ ب(الحشيـش) خـواءُ
ومن استعاض عن البنين برفقة
للشر ولَّى مـن حمـاه ضيـاءُ
قـد كانـت الأبنـاء تعلـم أنـه
إسـم تحـار بإسمـه الأسمـاءُ
بالإسم والدهـم بـلا فعـل ولا
ربَّـى ولا كانـت بـه الأشيـاءُ
منحوه بالسقم الشديـد دواءهـم
فأتى إليـه مـن الجميـع دواءُ
زاروه يعطـون العطايـا كلهـم
بأكفهـم بـذل لــه وسـخـاءُ
وقلوبهم تحوي المرارة علقمـا
تسـري بذكـرى كلـهـا لأواءُ
وبراءة الأحفاد تسـأل سؤلهـا
عن جدهم حلـت بـه النكـراءُ
هم يحملون بطاقة فـي سطرهـا
إسم لـه بزيـارة قـد جـاءوا
لكنهـم جمعـا نواصيهـم هنـا
بجـواره بفـراشـه غـربـاءُ
ما كانت الأسمـاء يومـا دافعـا
للحب فالحب الصـدوق عطـاءُ
وبطيبها الأفعال تغرس جذرهـا
بالقلـب تنبـت جنـةٌ خضـراءُ
بالبر يأتي البـر يؤتـي خيـره
وإذا تلاشـى فالحيـاة جـفـاءُ
وحرارة الأشواق تخبـو عندمـا
تقسو القلوب وتنضب الأحشـاءُ
والمرء بالأحبـاب يحيـا طالمـا
أعطـى وإلا فالعقـوق جــزاءُ
من قدم الإحسـان يلقـى مثلـه
وإذا تقاعـس كانـت البـلـواءُ
ومن استطاب الغي يغوي جهرة
مهما حواه مع الذنـوب خفـاءُ
ومن استلذ الإثـم ذاق مـرارة
وأتاه من كـأس الأنيـن سقـاءُ
وإذا غفا الأبناء كانـت شقـوة
فيهـا تضـل بلهوهـا الآبـاءُ
والستر للإنسان غنم مـا اتقـى
ومن القناعـة ملبـس وكسـاءُ
والنفس تطغى ما تركت زمامهـا
ولها مـع الحـزم الشديـد ولاءُ
وإذا حبـاك الله شكـر عطائـه
فبه تزيد مـع الصفـا النعمـاءُ
وإذا استبدت بالنفـوس نـوازغ
هاجت وماجت .. فالنفوس هواءُ
بالليل مات على الفراش ممـددا
وبه استحر من الغيوب قضـاءُ
(قد مات بالعيش الفقيد ولم يمت
يوم الممات) … تشعبت آراءُ !
قد كان موكبـه المشيـع فاتـرا
ولـه بأطـراف البنـان عـزاءُ
دفنوه ظهرا والحرارة أمطـرت
نارا بصيف فـي لظـاه عنـاءُ
في شهر صوم كان موعد دفنـه
بالقبـر فيـه لجسمـه الإفنـاءُ
والله يرحم من يشـاء بفضلـه
فله الكريم من اللظـى عتقـاءُ !


الشيخ العريفي

قصيدة تحية لفضيلة الشيخ الدكتور محمد العريفي تقديرا لخطبه ومحاضراته عن مصر الحبيبة
***
الشيخ العريفي
***
شعر
صبري الصبري

***

أنعم وأكـرم بالنَّقـي (عريفـي)
شيخ المكـارم بـارع التعريـف
عن مصر أخرج من لآلئهـا لنـا
درَّا نفيسـا رائـع التوصـيـفِ
وسما سموا في مـدارك مجدهـا
وعلا بجـو فخارهـا المعـروفِ
شيخ غنيٌّ عـن قصائـد مدحنـا
وعن القوافـي أقبلـت بحفيـفِ
وعـن الكـلام بقـدره ومقامـه
فهو الصدوق بأطهـر التشريـفِ
علـمٌ غزيـر كالسيـول تدفقـت
من فاضـل بالمعطيـات لطيـفِ
وهو الفصيح بقلبـه حـب لنـا
يسري بسمت بالبهـاء ظريـفِ
وتـراه قامـة دعـوة ببـلاغـة
جلت عـن التغييـر والتحريـفِ
بصراط نهـج المتقيـن طريقـه
في حكمـة دانـت لنـا بقطـوفِ
وتسابق الأخيـار نحـوك بالتـي
هي أحسـن بتلهـف الملهـوفِ
لحديـث شيـخ نابـه متمـكـن
بفـؤاد صـدق للكـرام عطـوفِ
فـذ مهـاب طيـب متسـامـح
عـذب بنهـر ماهـر التجديـفِ
ربـان فلـك بـاهـر متـألـق
بجميل نصـح للهدى موصـوفِ
بأخوة الإسـلام ضمـت جمعنـا
لنعيـد وحـدة ألفـة لصـفـوفِ
ونقيم فـرض توافـق وتناسـق
فينا بحشـد وفاقنـا المصفـوفِ
ونصون صرحا شامخـا لإخائنـا
بـوداد قلـب نابـض لألــوفِ
إنـا سعدنـا بالمبجـل شيخـنـا
شيخ العروبة في عصيب ظروفِ
قد جاء بالأشـواق يحثـو حبـه
فينـا بعشـق للمحـب منـيـفِ
فأقـام فينـا بالضيـاء مكـرمـا
كربيع روض بعد طـول خريـفِ
وزهـا بمنبـر فخرنـا بكياسـة
برحاب (عمرو) الخير كالعريِّـفِ
فأطـال خطبتـه وكانـت لحظـة
مـرت بنـا بمسـرة التخفيـفِ
وكأننا من فـرط طيـب حديثـه
نحيـا بعصـر للفتـوح طريـفِ
وكأن مكـة قـد أعـادت فتحهـا
مصرا بسعـي للصفـاء شريـفِ
وتتابع الأصحـاب نحـو بلادنـا
بجلال نـور مشـرق التشنيـفِ
ينساب بالأسماع وحـي صـادق
يتلى بنـور شامـل التصريـفِ
يحوي منارا ساطعـا مسترسـلا
بالبـر طـاب لمهجـة لحنيـف
بالعدل والقسطاس يحكم عيشنـا
ينهى عـن الإخـلال والتطفيـفِ
بالحـق يأمـر باتبـاع مـلـزم
بنتاج طرح مروجـه المقطـوفِ
فالكل ينهـل مـن سنـاه بهمـة
بطهـور قلـب بالهنـاء عفيـفِ
كنـت الإمـام بجامـع لإمامـنـا
(عمرو) الشموخ بأحسن التطويفِ
بجمال تاريـخ البطولـة أقبلـت
فينـا بسـرد بـارع التوظيـفِ
فربطت أمس المنجزات بحاضـر
أضحى بفكـر بالنبـوغ طفيـفِ
وبعثت فينـا الذكريـات تتابعـت
تتـرا بزحـف للعقـول كثيـفِ
شكرا خطيـب الخيـر إنـا كلنـا
حقـا سعدنـا بـالأخِ المألـوفِ
شيخ المآثر والفضائـل ضيفنـا
ابن الكـرام الطيبيـن (عريفـي)
صلى الإله علـى النبـي وآلـه
ما السيل سال بقمـة وكهـوفِ !